تعيش زينب دوزجون أوغلو في خيمة وسط حفرة رملية واسعة أمام أحد مشاريع الإنشاء في إسطنبول بعد أن وافقت على هدم منزلها منذ عامين مقابل شقة في المشروع الفاخر، لكن ما اعتبرته "بيت الأحلام" تحول إلى سراب.

وتقول زينب لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، مشيرة إلى المشروع الذي لم يكتمل خلفها: "كان من المفترض أن يكون هذا بيت أحلامى".

والموظفة المتقاعدة التي تبلغ من العمر 60 عاما هي واحدة ضمن ألف أسرة تركية حصلوا على وعود بتسلم شقق واسعة في سلسلة من المشاريع العمرانية الشاهقة في الجانب الآسيوي من إسطنبول.

لكن المطور لم يكن لديه سيولة نقدية كافية للاستمرار، بينما لم تحصل السيدة على شيء سوى خيمة افترشتها أمام المشروع المسمى "بروكلين دريم" أو "حلم بروكلين".

وبدأت طفرة البناء في تركيا في الانهيار سريعا، مما يهدد بتعميق أزمة العملة التي أدت إلى حدوث ارتدادات في الأسواق العالمية وأثارت قلق المستثمرين وسط عمليات بيع واسعة النطاق في الأسواق الناشئة.

حافة الغيبوبة

وفي جميع أنحاء تركيا، تم إلغاء أو تجميد عشرات المشاريع الإنشائية في الأشهر الأخيرة، بينما تكافح عشرات الشركات من أجل دفع ديونها بالعملات الأجنبية بعد انهيار العملة المحلية، حسبما أفاد مستثمرون ومديرون تنفيذيون في هذا القطاع.

واضطر العديد من الشركات الآن بيع شقق أقل من تكاليف البناء مع تضخم عدد المنازل المتراكمة في تركيا إلى نحو مليوني منزل، وهو ما يكفي لتغطية أربعة أضعاف متوسط ​​المبيعات السنوية الجديدة.

وقال طاهر تيليوغلو رئيس اتحاد مقاولي البناء في تركيا الذي يضم 120 شركة "إن قطاع البناء في تركيا مريض وصل إلى حافة الغيبوبة"، مشيرا إلى أن 70 في المئة من جميع أعمال البناء الخاصة توقفت.

وبالنظر إلى كون القطاع العقاري يمثل جزء كبيرا من الاقتصاد حيث يوفر الملايين من الوظائف، فإن انفجار فقاعة العقارات سيكون مؤلما، وسيطيح تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الأخيرة بتعزيز الرخاء في البلاد.

وأغرى التوسع السريع للقطاع العقاري الشركات ذات الخبرة القليلة بالدخول إلى هذا السوق، حيث هرعت شركات الغزل والنسيج والزراعة للاستفادة من القروض ذات الفائدة المنخفضة والمناقصات العامة الجذابة في التحول إلى المجال الإنشائي.

لكن مع خسارة الليرة التركية أكثر من 40 في المئة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام ، أصبحت القروض عبئا على المقترضين، بينما ارتفعت تكلفة معظم مواد البناء التي يتم تسعيرها باليورو أو الدولار بشكل صاروخي.

مشروعات وهمية

وقال مسؤولون تنفيذيون إن بعض المقاولين لجأوا إلى بدء مشروعات جديدة على الورق لمجرد تحصيل الدفعات المقدمة من أجل المساعدة في دفع الخسائر من الخسائر السابقة.

ووصف جوخان تاس رئيس شركة "كولدويل بانكر" للوساطة العقارية في تركيا الأمر بأنه "مخطط احتيالي كبير"، متوقعا حدوث أزمة غير مسبوقة نتيجة إفلاس المقاولين.

ويرى اقتصاديون إن حدوث انهيار في قطاع البناء في تركيا قد يحاكي تجربة إسبانيا وأيرلندا قبل عقد من الزمان، عندما دفعت الفقاعات العقارية إلى دفع تلك الاقتصادات إلى الركود العميق.

وقال بول مكنمارا، مدير محفظة الأسواق الناشئة في لندن في شركة GAM لإدارة الأموال: "يشبه ذلك بشكل مروع ما حدث في إسبانيا أو أيرلندا". "نحن نراقب عن كثب".

ومن جهة أخرى، يبدو أن الحكومة التركية غير معنية بعمليات احتيال قد يلجأ إليها المطورون العقاريون، وبدلا من ذلك، اختارت ركوب الموجة من أجل إنقاذ القطاع مؤقتا.

فقد وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس مرسوما رئاسيا ينص على أن تكون جميع العقود المتعلقة بالعقارات بالليرة التركية، وذلك في مسعى لدعم العملة المتهاوية.

وفي المرسوم الذي نشر في الجريدة الرسمية منع أردوغان إبرام عقود بيع العقارات وتأجيرها بالعملات الأجنبية، كما ينص المرسوم على تغيير العقود الحالية بالعملات الأجنبية في غضون 30 يوما.