هذا المصطلح الدائر مؤخراً في الاعلام والمؤتمرات الدولية لا يرمز فقط إلى الفرصة الثانية التي قد يحظى بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للعودة إلى سدة الرئاسة واستكمال رؤى ناخبيه ومؤيديه من حزبه، بل هو بالأخص تحديث برمجي شبيه بما يحدث لنظم تشغيل الحواسيب وتطبيقات الهواتف الذكية، وعلينا التحوّط ضد حذف هذا التحديث الوارد لمنجزات جيو-استراتيجية تحققت تنموياً وتجارياً وسياسياً.
إذا عادت الظاهرة الترامبية – كما يروق لمناهضيها تسميتها – فعلينا التعلم مما حققه أكبر الخصوم والمتعاركين تجاريا وسياسيا مع "أبي إيفانكا" وإدارته، ومساعيهم للإبقاء على مكتسباتهم التي نالوها في فترة الرئيس بايدن الحالية، لاستمرارها كمميزات تنموية لصالح أوطانهم، وكذلك استغلال كل الظروف التي تردّت في الأربع سنوات المنتهية فور انتهاء فرز أصوات الناخبين نهاية العام الحالي.
دونالد – إن هو عاد – فسيكون ناقماً ومستعجلاً لإحداث انعكاسات في الزبائنية الجيو-اقتصادية للعالم على أعتاب المجمع الصناعي والتجاري الأمريكي، بشقّيه المدني والعسكري. لذلك نجد شركة هاي سيليكون التتابعة لهواوي تسابق الزمن لإطلاق شريحتها كيرين 9010 بحجم 3 نانومتر، استعداداً للمساومة الجيوسياسية المثبتة صناعياً على مقدرات الصين من المعادن النادرة.
أيضاً نجد كبريات شركات النفط الأمريكية وقد نفذت عدة عمليات استحواذ واندماج تجاه شركات أصغر عملها واعد في التنقيب والتكرير، استعداداً لزيادة بريق الوقود الأحفوري إذا عاد دونالد المنكر لتغير المناخ، ومع هوسه بتصفير المواجهات وعدم الانخراط فيها للتركيز على الاقتصاد، فهناك احتمال مهادنته لروسيا والاتفاق على إنهاء عملياتها الخاصة في أوكرانيا مقابل تعاون أكبر في الشرق الأوسط، ليعاود التباهي بإنجاز كبير أوروبياً على غرار المواثيق الإبراهيمية شرق أوسطياً، عدا عن مسعاه لحل في غزة يزيده زهواً ومطالبة.
بنفس الأهمية، ينبغي أن تسارع الدول المدعوة للانضمام إلى كتلة بريكس بتثبيت عضوياتها، وتعنينا منها السعودية والإمارات ومصر، ومن الضروري على المستوى الوطني لكل من الدول الثلاث أن تجري مراجعة مستمرة ومستفيضة لكافة المصالح المحلية والإقليمية، وتحديد الانحياز المشروط نحو المصالح البريكسية أم الغربية بقدر فائدتها المنعكسة على المصالح القومية.
أبو إيفانكا – وأكرر إن هو عاد – فلا ينبغي أن يجد غير حبر مصالح دولنا ومنطقتنا الأوسع وقد جف حبر الاتفاق عليها مع الكتلة الند لكتلته، لئلا يسعه سوى مفاوضتنا، وربما مفاوضتها بمعاونتنا، لنحقق مبتغانا وحقنا الأممي في الاستقرار والنهضة والازدهار، إما مباشرةً أو مقايضةً بمصالح الآخرين التي تتقاطع مع مصالحنا، والأحرى أن نحرف أكبر قدر منها لتمر عبر فضائنا المؤثر، وعليكم بالبراغماتية المثلى.