عودة المعسكر الشرقي وحرب غزة وتوازي ممرين تجاريين للمعسكرين الدوليين (ممر الهند-أوروبا وطريق الحرير) ومرورهما عبر الشرق الأوسط كلها عوامل تعيد إشعال فتيل المنافسة الدولية إقليميا.
أما أن تصرح روسيا في 17 أكتوبر الجاري بأنها "لم تعد بحاجة إلى الالتزام بالقيود التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تقديم تكنولوجيا الصواريخ لحليفتها إيران فور انتهاء سريانها يوم الأربعاء"، فهذا أمر يحتاج إلى تفسير وضمانات لدول مجلس التعاون.
صحيح أن الرئيس بوتين لا ينسى من يقف معه، وأن الضرورة الاستراتيجية تتطلب رد جميل تدفق المسيرات الإيرانية إلى معارك أوكرانيا بجميل مشابه، لكن تمكين إيران صاروخيا أكثر من اللازم هو مساعدتها على التجرؤ نحو مزيد من سياسات حافة الهاوية التي أدمنتها عبر عقود، وبالتالي دفع المنطقة نحو حرب إقليمية يشعلها العازف عن التنمية الصحيحة والطامح إلى التوسع بالنمط القَرَوُسْطي.
التساؤل الوارد – والذي يجب أيضا أن يرد بإلحاح على عقول القادة الإيرانيين – هو هل تسعى روسيا إلى "كوبنة" إيران (أي تكرار أزمة الصواريخ الكوبية مع أميركا) كمجال للمواجهة وتبادل القصف بعيدا عن المجال المباشر لحدودها؟
أخشى أن تنسي نشوة التفوق الصاروخي النسبي القادة الإيرانيين مغبة مجرد التلويح بما يمكن استخدامه من قبلهم، بعد التعديلات الباليستية المطورة المهداة من مجمع "ألماز أنتي" العسكري الروسي، واستجلاب الضربات الاستباقية الأميركية والإسرائيلية.
حركة الشطرنج الجيوسياسي هذه قابلة للاشتعال، وما يرجوه العقلاء هو احتساب صمامات الأمان من قبل الرئيس بوتين ومعاونيه عند اتخاذ مثل هذه الخطوة النوعية لتمكين الترسانة الإيرانية، إن لم يكن لصالح حلفائه في أوبك بلاس فلصالح الشعب الإيراني الذي يئن تحت وطآت الصعوبات المتعددة داخليا وخارجيا.
كل ما سبق يؤكد أن الرمية الأولى لأي جندي يطلقها ضمير السياسي المروج لها والمزروع في عقيدته القتالية. من أجل ذلك، وفي الخامس من أكتوبر الجاري، قبل يومين من هجوم حماس على إسرائيل، وردت أنباء من جامعة ولاية أوهايو الأميركية بأن علماءها تمكنوا من مزج مستخلص نبتة إيبوغا الأفريقية مع إفرازات ضفدع نهر كولورادو للحصول على عقار هلوسة يسيطر على أعراض الاكتئاب المزمن واضطراب ما بعد الصدمة والقلق المستمر الذي يمر به المقاتلون السابقون من أفراد القوات الخاصة الأميركية.
الغريب أن التجارب تمت في عيادة في المكسيك، ربما للالتفاف على قوانين الداخل الأميركي إن حدثت مضاعفات للخاضعين للتجربة، لكن مثار الشك هو هل تجرى أبحاث بالتزامن مع العلاج التجريبي على عقاقير يتم تناولها قبل المواجهة الأولى لـ"إماتة الضمير" والتركيز لإلحاق الضرر المبدئي الأبلغ بالعدو بأقل قدر من التردد أو الإحساس بالذنب؟ سوف تنبئنا بذلك طفرة الوحشية في حروب المستقبل، أطفأ الله نارها.