تقول الأخبار إن حركة طالبان عازمة على بناء شبكة كاميرات مراقبة في أفغانستان للحماية ضد هجمات تنظيم داعش، بالتعاون مع شركة هواوي وعلى غرار الشبكة الأمنية الموزعة في أرجاء الصين مترامية الأطراف، والحركة ورثت العتاد الكثير الذي تركه الانسحاب الأميركي لتتفحص الأيدي الصينية الزائرة الجزء شبه النوعي منه.
في الوقت ذاته، يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى توقيع أكبر صفقة تسليح تاريخية مع فيتنام، والأخيرة تعتزم إعادة تشغيل منجم "دونغ باو" للمعادن النادرة ضمن حدودها، في خطوة مزدوجة مستفزة، وباستثمارات أسترالية وكورية جنوبية. إن تضافرت عواقب هذه الخطوات فالتصعيد وارد.
بحسب الإحصائيات الأميركية، تمتلك فيتنام ثاني أكبر مخزونات المعادن النادرة بعد الصين، لكنها غير مستغلة ويراد لها غربياً أن تكون البديل لسلاسل الإنتاج في هذا الجانب، ويبقى أن نرى ما قد تتخذه الصين من خطوات استثمارية في أفغانستان، التي بدورها تمتلك مخزون عملاق غير مستغل من ذات المعادن، ومن شأن شبكة كاميرات المراقبة الموصولة بإنترنت الجيل الخامس أن تحرس نشاطاً مكثفاً وارداً للتنقيب هناك بهدف مزدوج: إضافة معادن أفغانستان النادرة إلى مخزون نظيرتها الصينية لحبسها عن الأسواق غير الصديقة، وأيضاً إعاشة الشعب الأفغاني بدون الخشخاش أو الوعود الغربية التي لم تستمر، في خطوة قد تشكل سابقة في إنقاذ هذا البلد الفاقد للأمل.
لجوء الولايات المتحدة إلى هياكل أمنية رديفة وتحالفات إضافية يبيّن أن الأعين الخمس ليست بذات الانسجام السابق. فالأعين الثلاث ذات الأولوية في الصراع مع الصين هي AUKUS أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. أما كندا فقد تم وضعها في حالة كمون بعد تسليمها لابنة مؤسس هواوي ومديرتها المالية إلى مسقط رأسها الصين، ويزيد الطين بلة اتهام رئيس وزرائها جاستن ترودو مؤخراً للهند بتصفية زعيم انفصالي من طائفة السيخ على الأراضي الكندية، في زمن تخطب فيه الولايات المتحدة ود الهند نكاية بالصين. أما نيوزيلندا، فتنظر إليها الأعين الأربع المتبقية بأنها – وفق تبسيط ساذج – قدمت مبيعات لحومها ونبيذها وسياحتها إلى سوق الصين على الالتزام الكامل بدورها الأمني مع شقيقاتها.
يستمر الحديث عن تحالفات ثلاثية هنا وهناك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فترد أخبار من قبيل تأسيس ثالوث جديد أميركي ياباني فلبيني باسم JAROPUS، وكأن عقيدة تعدد الثالوث الاقتصادي-العسكري يمنة ويسرة سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحالف "ثواليث" – إن صحت التسمية – وإعلانها ناتو آسيوي تم بناؤه بالتقسيط الدبلوماسي. باكورة ثالوث عضوية الفلبين هو تشجعها بالتوعد بنزع الخط الحدودي العائم الذي وضعته الصين بينهما لفصل ما تراه مياهها الإقليمية، وطردت قوارب الصيد الفلبينية من جواره.
ذكر الناطق باسم وزارة داخلية طالبان عبد المتين قانع بأن نشر كاميرات هواوي سيكون في كابل و"مناطق مهمة"، في عملية تستغرق أربع سنوات، ومن شأن الشبكة أن تستبدل شبكة أميركية سابقة قوامها 68 ألف كاميرا جلّها في العاصمة كابل.
يقدّر جهاز المسح الجيولوجي الأميركي مخزونات أكاسيد معادن الأرض النادرة حول العالم بـ 130 مليون طن: 44 مليون طن منها لدى الصين، و22 مليون طن لدى فيتنام، و21 مليون طن لدى روسيا ومثلها لدى البرازيل، و6.9 لدى الهند، وباقي دول العالم لديها مجتمعة 15.1 مليون طن. وفق هذا التوزيع يمتلك ثلاثة من أعضاء تكتّل بريكس 86 مليون طن موزعة على الصين وروسيا والبرازيل، بنسبة 66 في المائة من المخزون العالمي، هذا قبل أن يضاف إليه ما قد تجود به أفغانستان.
السباق محموم على التآمر الجيوسياسي والتكالب الجيو-اقتصادي.