الأعاصير والفيضانات مستمرة في العالم منذ فترة، فالأمر لا يقتصر فقط على إعصار دانيال الذي ضرب اليونان وليبيا مؤخرا، والذي أحدث كارثة وخسائر بشرية ومادية جعلت منه حدثا يتصدر الأخبار عالميا.

الصين مثلا كانت عرضة لفيضانات قاتلة مؤخرا وما زالت مستمرة وتتسبب في خسائر بشرية وتدمير هائل، هونغ كونغ سجلت تساقطات مطرية منذ أيام تعتبر الأكثر غزارة منذ نحو 140 عاما.

اليابان أيضا تعرضت منذ فترة لعاصفة تسببت في هطول أمطار يومية غزيرة على بعض المناطق الشرقية فيها، حيث سجلت تساقط أمطار يعتبر أعلى معدل من المطر يهطل على تلك المناطق خلال 24 ساعة منذ عام 1976.

الولايات المتحدة قبل أقل من شهر تعرضت أيضا لإعصار إيداليا الذي كان مدمرا أيضا، الهند تعرضت لسيول وفيضانات وانهيارات في التربة أددت أيضا لخسائر بشرية ولأضرار مادية جسيمة.

أوروبا.. من ألمانيا إلى إيطاليا وإسبانيا.. شهدت وما زالت تشهد في مناطق متعددة سيولا وفيضانات أغرقت الطرق والمدن فيها.

وإذا ما أردنا الرصد، الأمثلة كثيرة وعديدة والخسائر مؤسفة وتدمي القلب. نجد تغييرات مفاجئة ومخيفة في المُناخ باتت تؤثر بشكل أقوى ومباشر أكثر على معظم المناطق والقارات.

المتابع للأخبار والأحداث عالميا يلاحظ تداخل الصيف مع الشتاء، ارتفاع درجات حرارة بشكل مخيف، يتبعه أمطارا غزيرة، سيولا وفيضانات، وأعاصير، تداهم بلادا ومناطق غير مؤهلة وغير مستعدة لمواجهة ذلك حتى.

كل الدراسات منذ سنوات عدة ومؤخرا تشير إلى أن النشاط البشري يعتبر سببا رئيسيا في ارتفاع درجات الحرارة ما يؤدي إلى تشكل أعاصير، وهطول أمطار بغزارة والتسبب بفيضانات قاتلة.

والدراسات تؤكد وتحذر في حال استمر ارتفاع معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون بناءً على ظاهرة الاحتباس الحراري، من المحتمل حدوث أعاصير مدمرة في المستقبل تتجاوز حدة الأعاصير الحالية بأضعاف، والتفاصيل في الدراسات مثيرة للاهتمام ومخيفة.
إن الخبراء والعلماء يحذرون منذ فترة طويلة، لكن طبعا الإنسان غالبا لا يهتم طالما لم تقع المصيبة بشكل مباشر له.

ويبدو أن هذا النظام الرأسمالي الجشع لا يكترث حقيقة لتبعات أفعاله حتى وإن سببت أضرارا جسيمة أو كوارث إنسانية مخيفة،
فهذا النظام العالمي على دراية كاملة بما يسببه للبشرية، ويرى أننا على شفا انهيار وتدمير، ويدرك تماما آثار هذا التطور البشري الذي بات قائما على المادة بشكل حصري.. لكن/ دون اكتراث أبدا للثمن الباهظ الذي تدفعه المجتمعات البشرية، ودون اكتراث حتى لمستقبل الأجيال القادمة.

التحذيرات من الأمم المتحدة وغيرها من الدراسات توجه عبر الإعلام للبشرية، لكن تحذر المواطنين من ماذا؟

والمواطن البسيط، ماذا عليه أن يغير في نظام حياته حتى يحافظ على البيئة وحياته؟

إن من الأولى أن توجه التحذيرات مقترنة بأفعال جدية ومجدية، نحو الدول، بشركاتها ومصانعها.

لكن، يبدو.. لا رادع أبدا في النهاية لهذا النظام.. لا قوانين ولا قيم أو أخلاق إنسانية تؤخذ بعين الاعتبار..

كل ما يحكم فعليا النظام البشري اليوم فقط الصناعة والمال، المزيد من هوس السيطرة التي تؤدي حتما للتدمير..
والمزيد من ثقافة الاستهلاك ونعود لمزيد من الأموال والأرباح.

حتى في تقييم ساذج .. يمكن أن نرى أن هذا النظام يملك الأموال لإقامة حروب عبثية عشوائية غوغائية في كل مكان، لكن لا تملك البشرية أموالا كافية لإقامة بنية تحتية سليمة وبناء مدن قوية قادرة على التعامل مع التغيرات والتحديات الطبيعية وغير الطبيعية.

تجد أن دولا عديدة للأسف لا تملك أي خطط طارئة للتعامل مع أي كوارث، بالرغم من كونها محتملة ومتوقعة.

في النهاية.. نعود لنؤكد أن الإنسان يعتبر عاملا رئيسيا في كل ما يحدث والأنانية للأسف تحكم المجتمعات البشرية ويبدو أنها قادرة على تدمير الكثير، لقد حدث ذلك بالفعل سابقا، والأرض حساسة للتغييرات ولن ترحم الطبيعة الإنسان عند انقلابها عليه.

لن تفكر بغني أو فقير، ومن الممكن أن كل هذه الحضارة المتطورة، والتنكولوجيا الذكية، وكل ما توصل إليه الإنسان، مهدد في مستقبل قريب أو بعيد، ولعله يوما ما يُمحى في طرفة عين.

نعود ونؤكد، التاريخ البشري يشهد على فناء حضارات سابقة، لم تكن أقل ذكاء منا أو أقل وعيا وإدراكا لما يحدث لها.

فحين يحيد الإنسان عن الطريق الصحيح، وحين يتوقف عن السير في تناعم واتساق مع الكون.. حين يتنازل عن قيمه الإنسانية ومسؤوليته الأخلاقية اتجاه نفسه والكون، سيرى نتائج لا تسره، وسيدفع غالبا يوما ما ثمن أفعاله.. وأفكر إن كان هناك فرصة للتقويم ..!