شكلت جزيرة تايوان ومنذ الحرب العالمية الثانية إن لم نقل من قبلها نقطة تجاذب دولية، فالجزيرة عادت إلى الحضن الصيني بعد هزيمة اليابان وألمانيا في عام 1945 بعد أن كان متنازل عنها لليابان بموجب معاهدة شيمونوسيكي في عام 1895.

واحتلت المقعد الصيني في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن إلى أن طردت في عام 1971، وأصبحت بكين هي العضو الخامس الدائم في مجلس الأمن، وحافظت تايوان على حكم ذاتي.

وهنا يحضرني قول الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2021 أمام قادة الحزب الشيوعي الحاكم إن "توحيد الصين مع تايوان حتمية تاريخية" في تحد مباشر للولايات المتحدة التي طالما أكدت وتعهدت في تصريحات على لسان مسؤوليها الدفاع عن جزيرة تايوان ضد أي تهديد، ولو تطلب ذلك تحريك الأسطول الأميركي السابع الرابض في مياه المحيط الهادي، وإن كنا لن نعود إلى التاريخ وتأصيل أزمة الجزيرة وأسبابها، فإنه من الضروري الإشارة إلى أنه ينظر الى جزيرة تايوان على أنها دولة شديدة الأهمية لواشنطن وللعالم الغربي، فهي أحد أهم مراكز القوة الاقتصادية في جنوب آسيا والعالم، وكيف لا تكون وفيها يتركز العدد الأكبر من الشركات العالمية المصنعة للرقائق الإلكترونية، ناهيكم أنها واحة للديمقراطية على أعتاب نظام شيوعي حديدي، فهي منصة متقدمة للولايات المتحدة في منطقة جنوب وشرق آسيا، في حين تراها بكين الجرح النازف في الجسد الصيني على مر القرون، وآن الأوان كي يلتئم وتتفرغ بكين للمواجهة الكبرى.

ففي حين يرى مراقبون أن مسألة تايوان ورقة ضغط أميركية تجاه الصين، تشير الوقائع أن واشنطن اعتمدت الغموض الاستراتيجي تجاه الصين فهي تعترف بوحدة الصين التاريخية من جهة وتحافظ على تحالفها مع تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي رسميا، دون إقامة علاقات دبلوماسية أو الاعتراف بها دولة مستقلة.

في التطورات الأخيرة وفيما أعلنت بكين أنها راقبت عن كثب تحليق طائرة استطلاع أميركية عبر مضيق تايوان، واتهمت قيادة الجناح الشرقي للجيش الصيني واشنطن بتهديد السلام والاستقرار في مضيق تايوان، قال الأسطول السابع الأميركي في بيان مقتضب، إن طائرة تابعة للبحرية من طراز "بي-8 إيه بوسيدون" عبرت مضيق تايوان في المجال الجوي الدولي، وأن "الولايات المتحدة ستواصل التحليق والإبحار والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي، بما في ذلك مضيق تايوان.

هذا في وقت كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة تخطط لزيادة قواتها في تايوان إلى أربعة أضعاف، من أجل دعم برنامج تدريبي لجيش الجزيرة وسط تهديد متزايد من الصين، وأن واشنطن تخطط لإرسال 100 إلى 200 جندي خلال الأشهر القادمة، في حين أعلنت رئيسة تايوان تساي إنغ ون، بعد اجتماع مع أعضاء من الكونغرس الأميركي يزور تايبه، أن بلادها ستعزز الروابط العسكرية مع الولايات المتحدة للحدّ من "التوسّع الاستبدادي".

هذا وكشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، أن "تقارير بلاده الاستخباراتية تشير إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، أصدر تعليمات لجيش بلاده بالتأهب للسيطرة على تايوان بحلول عام 2027"، وقال بيرنز، إنه "من الضروري أن تأخذ الولايات المتحدة رغبة الصين في السيطرة على تايوان "بجدية بالغة" حتى وإن لم يكن الصراع العسكري هو النتيجة الحتمية لذلك".

إذا تايوان ستكون إما أمام تسوية كبرى، أو مسرحا وبوابة لمواجهة كبرى ستكون مدمرة وترخي بظلالها على العالم، لننتظر ونرى..