في الوقت الذي أحكم فيه إيلون ماسك قبضته على "تويتر"، أعلن الشريك المؤسس والمدير التنفيذي السابق جاك دورسي للشركة، عن فتح إمكانية التسجيل المسبق لاختبار تطبيق "بلوسكاي".

يرفع التطبيق الجديد شعار تقديم وسائل التواصل الاجتماعي على نحو "مفتوح وغير مركزي"، واعدا بمجرد تطويره بالكامل، بالسماح لشبكات التواصل المنفصلة بالتفاعل مع بعضها البعض عبر معيار مفتوح، رغم أن كل شبكة لديها أنظمة إدارة وتنظيم خاصة بها.

وجاءت فكرت "بلوسكاي" في الوقت الذي كانت فيه حرب شعواء تشن على شبكات التواصل، وتطاردها اتهامات سرقة البيانات والتضليل والتدخل في الانتخابات، حيث عرض دورسي آنذاك المشروع من خلال سلسلة تغريدات على "تويتر" تبرر حظر الرئيس السابق دونالد ترامب على المنصة.

وحصل مشروع "بلوسكاي" على تمويل من الشركة الأم "تويتر" قدره 13 مليون دولار بحسب شبكة "سي إن بي سي"، دون أي شروط أو التزامات، باستثناء الاستمرار في عملية تطوير التطبيق، ليتم تبنيه لاحقا في منصة "الطائر الأزرق".

عندما فكرت "تويتر" في "بلوسكاي" كانت تتطلع لحل مشكلة واجهتها كل منصة وسائط اجتماعية تقريبا، والمتمثلة بكيفية تنظيم خطاب الملايين من المستخدمين دون المخاطرة بالتجاوز، وبلا أي تداعيات سلبية على أرباح الشركة.

كحل لهذه المشكلة، قررت "تويتر" تمويل فريق مستقل صغير يصل إلى خمسة مطوري برمجيات، مكلفين بإنشاء "معيار مفتوح ولامركزي" لوسائل التواصل الاجتماعي.

وباختصار، يهدف "بلوسكاي" لإنشاء بروتوكول "لامركزي" لوسائل التواصل الاجتماعي، سيسمح للشركات والأفراد بإنشاء تطبيقات أو خدمات أو توصيات خوارزميات على نفس الشبكات والبيانات الأساسية.

إنه يشبه طريقة عمل البريد الإلكتروني، أي يمكنك إرسال بريد إلكتروني إلى شخص يستخدم خدمة بريد مختلفة مع التأكد من وصول رسالتك ومرفقاتها، ذلك لأن البريد الإلكتروني مبني على قواعد فنية مثل HTTP وTCP/IP، والتي توفر معيارا مشتركا لكيفية اتصال أجهزة الكمبيوتر ببعضها البعض عبر الشبكة.

هذه البروتوكولات مفتوحة المصدر، وتسمح لأي شخص باستخدام أو إنشاء منتجات فوقها، وهو ما يتطلع إليه "بلوسكاي" لتطويره، ولكن لتطبيقات الوسائط الاجتماعية.

بفضل البروتوكولات المفتوحة اللامركزية، سيتحكم المستخدمون في خوارزمياتهم، وسيسطرون على بياناتهم بشكل كامل، إذ باستطاعة أي مستخدم اعتماد منصته الاجتماعية الخاصة أينما يريد، في خوادم مضيفة، أو في خوادمه الخاصة، بدلا من استخدام موقع واحد للحصول على خوادمه في السابق.

في أوائل شهر مايو من هذا العام، قدم "بلوسكاي" بروتوكول عمله الأول، "تجربة البيانات المصادق عليها" أو ADX .

وبعد ذلك أعلن عن الاختبار التجريبي لـ"بروتوكول النقل المصادق" AT Protocol، والذي سيقدم 4 مزايا فريدة هي إتاحة إمكانية نقل الحساب، أي نقل حسابك كمستخدم من مزود إلى آخر دون فقد بياناتك أو شبكة علاقاتك الاجتماعية.

كذلك سيعطى المستخدم مزيدا من التحكم في عالم الإنترنت، فمثلا إذا لم تكن راضيا عن الاقتراحات الآلية المقدمة من "يوتيوب" أو غيره من منصات اجتماعية، فبمقدورك الانتقال إلى نظام آخر يستخدم نظام توصية مختلفا لمقاطع الفيديو نفسها.

ولن تؤثر كل هذه الخيارات المقدمة للمستخدمين على الأداء، إذ تم تصميم البروتوكول الجديد من أجل التحميل السريع حتى على النطاقات الكبيرة.

ويرى متفائلون بإمكانية التعاون المستقبلي بين ماسك ودورسي في مشروع "بلوسكاي" وخصوصا بعد تسريبات لمحادثات بين الطرفين، أكد فيها الملياردير الأميركي أن التطبيق الجديد "فكرة رائعة للغاية، وأنه يستحق التجربة"، إلا هناك سيناريو متشائم يشكك باهتمام الرئيس التنفيذي لـ"تسلا" بـ"بلوسكاي" وهو صاحب اليد العليا في مسألة التمويل المالي.

قد يكون مشروع دورسي الساعي لحل مشكلة حرية التعبير والامتناع عن وضع كل ما ينشر على الشبكة العنكبوتية في قبضة شركات التقنية الكبرى، وتعبيره عن أسفه لتحويل "تويتر" لشركة عامة سنة 2013، خطا انتهجه الشركة المؤسس السابق لتصحيح الأخطاء التي ارتكبت في عهده بـ"تويتر".

الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على كل هذه التساؤلات، وحتى ذلك الوقت لنأمل ألا يتخذ ماسك أيا من القرارات المتسرعة التي من شأنها إبعاد المستخدمين والمؤثرين عن المنصة التي باتت جزءا من الحياة اليومية للملايين حول العالم.