يعد إنترنت الأشياء "IoT" واحدا من الجسور الرئيسية بين التطبيقات المادية والرقمية، والتي أتاحتها الثورة الصناعية الرابعة.
ويمكن وصف "إنترنت الأشياء"، بالعلاقة بين أشياء (منتجات، خدمات، أماكن، إلخ) والمستخدمين، والتي باتت ممكنة من خلال التقنيات المتصلة والمنصات المتنوعة.
تنتشر المجسات وعدد من وسائل الاتصال بين الأشياء، في العالم المادي والشبكات الافتراضية بوتيرة سريعة مدهشة، حيث يتم تركيب عدد من المجسات الأصغر، الأرخص والأذكى، في المنازل، الملابس، الإكسسوارات، المدن وشبكات المواصلات والطاقة إلى جانب عمليات التصنيع.
واليوم هناك مليارات الأجهزة حول العالم مثل الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، والكمبيوترات المتصلة بالإنترنت، ومن المتوقع أن تزداد أعدادها بصورة دراماتيكية خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما سيغيّر بشكل جذري الطرق التي ندير بها سلاسل الإمداد، من خلال تمكيننا من مراقبة وتحسين الأصول والأنشطة على مستوى شديد التفصيل والدقة.
وفي تلك العملية سيحدث تأثير انتقالي عبر كافة الصناعات، من التصنيع إلى البنية التحتية إلى الرعاية الصحية.
لنأخذ على سبيل المثال، المراقبة عن بعد، وهو تطبيق منتشر لإنترنت الأشياء، ومعه يصبح من الممكن تزويد أي شحنة أو رافعة
بضائع أو حاوية، بمجّس، أو جهاز إرسال أو رقاقة تحديد الهوية بموجات الراديو (RIFD)، مما يسمح للشركة بتتبع مكان تواجدها
أثناء تحركها عبر سلسلة الإمداد، وكيفية أدائها، وكيف يتم استخدامها.
وعلى نحو مماثل، يمكن للزبائن تتبع مدى تقدم الشحنة أو الوثائق التي يتوقعون تسلمها (في الوقت الفعلي عمليا)، وهو أمر يعد بالنسبة للشركات التي تعمل في مجال إدارة سلاسل الإمداد تحولا كبيرا.
وفي المستقبل القريب، سيتم تطبيق أنظمة مراقبة مشابهة أيضا على تنقل الناس، مع القدرة على تتبعهم.
وتعمل الثورة الرقمية على خلق مقاربة جديدة جذرية ستحدث ثورة في الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد والمؤسسات.
لنأخذ سلسلة الكتل على سبيل المثال، والتي عادة ما توصف بـ"سجل التوزيعات"، وهي عبارة عن بروتوكول آمن، حيث يمكن لشبكة من أجهزة الكمبيوتر التحقق جماعيا من معاملة تمّ تسجيلها، والموافقة عليها.
وتخلق التقنية التي تستند عليها سلسلة الكتل حالة ثقة من خلال تمكين الناس الذين لا يعرفون بعضهم البعض (وبالتالي لا يوجد أساس للثقة بينهم)، على التعاون معا، دون الحاجة إلى سلطة مركزية محايدة، مثل وصي أو سجل مركزي.
وفي الأساس فبروتوكول سلسلة الكتل متشارك، قابل للبرمجة، مشفر وآمن، لذا فهو سجل موثوق فيه، لا يتحكم فيه مستخدم، ويمكن فحصه بواسطة أي شخص.
وتعد عملة "البيتكوين"، أشهر تطبيق لتقنية سلسلة الكتل، لكن التكنولوجيا ستُظهر قريبا تطبيقات أخرى لا تحصى.
وحاليا إذا كانت تكنولوجيا سلسلة الكتل تسجل المعاملات المالية التي تتم بالعملات الرقمية مثل "بيتكوين"، فستساهم في المستقبل في تسجيل أشياء مختلفة مثل شهادات الميلاد والوفاة، صكوك الملكية، رخص الزواج، الدرجات العلمية، المطالبات التأمينية، العمليات والإجراءات الطبية، والتصويت، وبشكل أساسي أي نوع من المعاملات التي يمكن التعبير عنها من خلال "كود".
وبالفعل هناك بعض الدول والمؤسسات التي تدرس إمكانيات تقنية سلسلة الكتل، فحكومة هندوراس مثلا، تستخدم هذه التكنولوجيا للتعامل مع صكوك الملكية، فيما تختبر جزيرة "مان" استخدامها في تسجيل الشركات.
وعلى نطاق أوسع، فالمنصات التي تدعم التكنولوجيا تجعل من الممكن ما يطلق عليه الآن اقتصاد حسب الطلب (ويشير البعض إليه بالاقتصاد التشاركي أو التعاوني)، وهذه المنصات، التي يسهل استخدامها على الهواتف الذكية، تجمع الناس، الأصول والبيانات، لتخلق طرقا جديدة كليا لاستهلاك البضائع والخدمات، كما أنها تخفض الحواجز للأعمال والأفراد لصنع الثروة.