تسعى دول الثروات المعدنية المطلوبة للبطاريات والألواح الشمسية وغيرها من أشكال طاقة المستقبل إلى إنشاء كارتيلات لهذه الطاقة وإن ادعت خلاف ذلك، مثلما تسعى الدول الأكثر حاجة لهذه الطاقة إلى إبطال أو تخفيف أثر التكتلات الصاعدة خشية تكرار ما تراه لي ذراع عهدته من أوبك النفطية وابنتها أوبك بلاس. يكمن المخرج الانتقالي لدول الخليج في الهيدروجين.

في 31 مايو الماضي، أعلنت جامعة ستافانغر النرويجية عن نجاح علمائها في تشغيل أول توربين بالهيدروجين الصرف عديم الانبعاثات، وأنتج طاقة وحرارة تدفئة في ذات الوقت. على صعيد آخر، في 15 يونيو الجاري، نجحت تجربة طائرة أوتو سيليرا العاملة بالهيدروجين في تقليل صرف الوقود بواقع 80 في المائة عن الوقود المعتاد وأيضا بدون انبعاثات.

على النقيض، احتلت تسلا صدارة حوادث تجارب السيارات الكهربائية، واضطرت فورد إلى استدعاء 49 ألف سيارة من طراز موستنغ-e، لخلل في بطارياتها بسبب ارتفاع الحرارة المفاجئ ونضوب مخزونها، وكأن الموارد الطبيعية تأبى إلى اليوم أن تجود بغير الوقود السائل كمصدر وفير للطاقة.

المنافسة تنحصر في تحقيق الجدوى في الاستخدام ومن ثم الإنتاج ليتم تبني التقنية الأقرب إلى واقع المستهلك وقدرته الإنفاقية واهتماماته البيئية. حاليا يراود القلق أنصار البيئة لحدوث التلوث في محطات الطاقة حتى وإن وصلت الكهرباء إلى شواحن السيارات لتملأ بطاريتها النظيفة. الأمر يستوجب الاستثمار في محطات توليد الكهرباء العاملة بالهيدروجين، إذ أن السيناريو الأمثل هو فرض الهروجين على توليد طاقات البنى التحتية وأيضا إعادة التزود بصورته السائلة في وسائل المواصلات العامة والخاصة.

السيناريو الأقل مثالية هو توليد كهرباء محطات الطاقة فقط، وترك سوق المواصلات لتوليفة من البطاريات الصرفة أو الهيدروجين الصرف، يلي ذلك أضعف السيناريوهات وهو الاكتفاء بهدرجة المولدات الضخمة وترك سوق السيارات للكهرباء الصرفة. لكن في جميع الأحوال، لا يجب التنازل عن إنجاح تبني الهيدروجين في توليد كهرباء المدن والدول، وإن بدأنا ذلك بمحطات في دول الخليج لإثبات نجاح وجدوى المفهوم ثم تسويقه لدول أخرى.

نحن إن فعلنا ذلك، قمنا بتأمين الطاقة التشغيلية الوطنية، وربما صدرنا إمدادات من أحمال الطاقة إلى دول أخرى عن طريق الربط الكهربائي. وإن تم ذلك، حتى لو لم يطغى كنموذج، إلا أنه سيوفر ثنائية قطبية وبدائل جيو-اقتصادية يحتاجها العالم للتوازن الاقتصادي كحاجته للثنائية القطبية في السياسة.

حدث مؤخرا أن ألغت حكومة بريطانيا الدعم عن السيارات الكهربائية لتتمكن من تحصيل الضرائب على شحن بطارياتها، وحجتها لهذه الخطوة هو توقف الناس عن التزود بالبترول والديزل لترشيد الإنفاق الأسري والتشغيلي لدى الشركات، الأمر الذي حرم الخزينة من ضرائب الوقود التقليدي، لتدور دائرة الضرائب على الوقود الصديق للبيئة، وبدون حجة التلويث هذه المرة، تاركة الزبائن حيارى في نوع السيارات الأجدى للاقتناء والاستخدام، فتأملوا.