بإعلان ألوية العمالقة الجنوبية تحرير أول مديرية من محافظة مأرب في شمال اليمن، تكون عملية "إعصار الجنوب" التي بدأت بإعادة التموضع العسكري في الساحل الغربي تكون قد دخلت مرحلة مختلفة تماما بعد استكمال تحرير مديريات شبوة الثلاث، عسيلان وعين وبيحان، وهي العملية العسكرية التي غيرت التوازنات الميدانية بالكامل بعد أن تخادمت مليشيات الحوثي والقوات الموالية لحزب الإصلاح (إخوان اليمن) لابتزاز التحالف العربي.

التحولات الدراماتيكية المتسارعة كشفت ضعف القوة الحوثية عسكريا غير أنها حرمت الحوثيين من بسط نفوذه على مناطق الثروة النفطية والغازية في محافظة شبوة، كما أنها كذلك انهت الطموحات الإخوانية في سعيهم للسيطرة على ميناء بلحاف الاستراتيجي على بحر العرب وهو ما يفسر حالة التخبط التي يحاول الحوثيين والإخوان معاً توظيفها من خلال استهداف الحوثي لدولة الإمارات العربية المتحدة بعمليات ارهابية واطلاق المنصات الاعلامية الإخوانية لحملة تحريضية واسعة النطاق فالهزيمة كانت قاصمة وموجعة لحد بعيد.

استراتيجيا، كان على قيادة التحالف العربي القيام بخطوة التأمين للمكتسبات الميدانية فدفع بألوية العمالقة الجنوبية نحو مديرية حريب وهي المحاذية لمحافظة شبوة من أجل تأمين ما تم استعادته من مناطق جغرافية مفتوحة تتطلب عملية تأمين من خلال تحرير جنوب مأرب، وبتحرير حريب تتحول الحرب في مأرب للمرة الاولى منذ العام 2016 من الدفاع إلى الهجوم في تغيير يعكس مدى التحولات الميدانية التي طرأت في المعارك اليمنية.

فرضت التحولات مسرح عملياتي مستجد كما أنها بطبيعة الحال تفرض توازاناتها السياسية المتفاعلة مع نجاحات اادبلوماسية الإماراتية اللافته في انتزاع ادانة مجلس الأمن الدولي ثم الجامعة العربية بالإضافة لحملة التضامن العالمية الواسعة مع دولة الإمارات حول ما تعرضت له من هجمات إرهابية حوثية استدعت مراجعة أمريكية من أعلى سلطة سياسية يمثلها الرئيس جو بايدن بإعادة النظر في قرار وضع الحوثيين على قائمة الجماعات الإرهابية، وهو التحول السياسي الضاغط في المشهد اليمني والذي يشهد حراكاً ونشاطاً في مبادرات مازالت تحاول الاستفادة من المتغيرات المستجدة.

مرحلة تأمين مكتسبات عملية "اعصار الجنوب" تعيد مرة أخرى أهمية تنفيذ اتفاق الرياض حيث أن الوقت بات محفزاً لنقل القوات العسكرية اليمنية الموجودة في وادي حضرموت واامهرة وأبين وهي المحافظات المحررة إلى جبهات القتال في المحافظات الشمالية والتي بدورها تتأرجح مع تقدم الوية العمالقة وهو ما يستدعي ضرورة تحريك كل القوات الخاملة في الجنوب والدفع بها لمواجهة مليشيات الحوثي.

تمتلك الوية العمالقة عقيدة وطنية جنوبية كانت العامل المحفز لتنجز هذه التحولات الكبرى ميدانيا مع محاذير أنها وهي تخوض معاركها في محافظات الشمال تدرك أنها لا تمتلك الحاضنة الشعبية وهو ما يبطئ من حركتها في شمال اليمن وهو عامل آخر يستدعي تحريك القوات اليمنية من المحافظات الجنوبية فهذه عوامل لا يمكن المخاطرة بها تحت كل العناوين خاصة وأن العملية الغادرة التي حصلت في صافر عام 2015 وعرضت قوات التحالف العربي لضربة في ظهر القوات مازالت حاضرة في الذاكرة.

الاستثمار في انتصارات عمالقة الجنوب عسكريا وسياسيا متاح وممكن في حال اتخذت القرارات الضرورية في سياق المعركة الأساسية ضد مليشيات الحوثي التي لن تجد سوى المراهنة على عامل الوقت عسكرياً عبر زراعة أكبر قدر من الالغام الأرضية لتأخير تقدم الوية العمالقة كما أنها ستواصل نهجها محاصرة المدنيين كما فعلت في مديرتي عين وحريب، هذه المنهجية التقليدية للمليشيات معروفة ومكررة ويمكن كسرها سريعاً بتحريك القوات اليمنية من الجنوب للشمال وبذلك ينفذ اتفاق الرياض وتتحقق النتائج الكبيرة في اوقات قياسية صنعها عمالقة الجنوب بعقيدة تؤمن بالوطن الجنوبي وبالمشروع العربي السياسي.