ككل الجماعات الإرهابية المنغلق تفكيرها تتصرف جماعة الحوثي دون اكتراث بعواقب ما ستحصل عليه من تبعات أفعالها.
فالجماعات الإسلاموية لا تمتلك قدرة على تقييم وتقدير الأفعال وردات الفعل على أفعالها فهي تنطلق من اعتقادها بأن أفعالها ستجد صدى في محيط دائرتها وأتباعها فهذا هو نطاق تفكيرها وتقديرها لما ترتكب من أفعال وهو وما يفسر دائماً سلوك الجماعات الإرهابية في استهدافاتها من خلال العمليات الإرهابية التي ترتكبها بين المدنيين.
مليشيات الحوثي خسرت في ثمانية أيام فقط ما حصلت عليه في خمس سنوات فمنذ أن أسقط خالد بحاح من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية اليمنية ورئيساً لحكومتها في أبريل 2016 وبدأ تخادم حزب الإصلاح والحوثيين وتراجعت القوات العسكرية من تخوم العاصمة صنعاء إلى الدفاع عن الشارع الأخير في محافظة مأرب، فعلى مدار سنوات ظلت المعركة دفاعية وأن اشتدت رحاها على مدار العام الفائت الذي حاولت فيه المليشيات بكل ما تملك من جنون كسب معركة مأرب إلا أن رجال قبائلها بإسناد من طيران التحالف العربي أفشل الهجمات واستمرت مأرب عصية على الحوثي.
بعد أن قامت ألوية العمالقة الجنوبية بعملية إعادة التموضع في الساحل الغربي انطلقت عملية "إعصار الجنوب" لتحرير المديريات الشبوانية الثلاث التي ما أن تحررت في عملية عسكرية خاطفة تغيرت معها التوازنات العسكرية الميدانية بشكل مختلف فحتى مأرب التي كانت في طور الدفاع تحولت جبهتها للهجوم فالأقنعة سقطت بمفاعيل الحقيقة التي جسدتها ألوية العمالقة الجنوبية في الميدان فالساتر الوهمي الذي صنعه تخادم الحوثي والإخوان سقط وبسقوطه كشف الزيف عن أن الحوثي لا يملك من القوة العسكرية ما يجعله بذلك القدر لولا تخادمه مع حزب الإصلاح.
دراماتيكاً تغير المشهد اليمني وتسارعت التطورات فيه فالهبة الحضرمية الثانية رفعت من سقف مطالبها بالتمسك بخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت مما يعني أن قوات هذه المنطقة عليها أن تخوض حرباً مع الحوثي وهو العامل الذي سيحسم الحرب اليمنية وقد يطوي السنوات العجاف فلم يحتشد اليمنيون جنوبيون وشماليون في معركة موحدة ضد الحوثي كما يحدث وكما سيحدث لو أنجز تحرير الوادي الحضرمي ونقلت الألوية السبعة لتواجه الحوثي في معاقله على هضبة صنعاء.
الحوثيون استشعروا الضغوط وتوالي خسائرهم الميدانية فأقدموا على خطف السفينة الإماراتية "روابي" ثم أنهم وتحت وقع تقهقرهم في الجبهات العسكرية لم يجدوا غير استهداف عاصمة الإمارات أبوظبي بطائرة من غير طيار بعملية إرهابية تحدث ضجة إعلامية في نطاق دائرتهم المتعصبة التي تعيش في دائرة الهزيمة المعنوية وهي تتابع تراجع جبهات الحوثي بشكل متسارع وباتت في قلق من أن تفقد كل مكتسبات تخادمها مع الإخوان.
قدرت جماعة الحوثي موقفها البائس فاختارت أن يكون أكثر بؤساً باستهدافها الإمارات بعملية إرهابية يمكن أن تكون هي العملية الأكثر فشلاً من ناحية التقديرات السياسية فالإماراتيين سيحولون من هذه العملية ورقة رابحة تضاف لأوراقهم فهم العارفين بالسياسة والقادرين على توظيفها لمصالحهم وهو ما يقرأ في تتابع ردات الإدانة الدولية للعملية الحوثية الإرهابية، ومن غير المستغرب أن تندد طهران بالعملية الحوثية فليس من مصلحة إيران قفل النوافذ المفتوحة مع الرياض وأبوظبي وما يمكن أن تؤدي سياسياً في مقابل أن الحوثي مجرد ورقة انتهت وحان وقت احراقها.
الإمارات وهي تدير الجزء الحيوي من العملية العسكرية في اليمن واصلت تحقيق مكتسبات غاية في الأهمية فهي إلى جانب أنها اسقطت عن تخادم الجماعات الإسلاموية حققت مكسبا سياسيا يضاف لرصيدها السياسي بالإدانات الدولية للجريمة الحوثية والتي يمكن أن تضع الجماعة على قوائم الإرهاب الدولية مما سيضعف من فرصتها السياسية في تسويات الأزمة اليمنية، الخطيئة الحوثية كبرى وسقوطها المدوي ليس له من قرار فكل الاحتمالات أمامها سيئة وعليها تحمل نتيجة سوء تقديراتها الحمقاء وجرائمها الإرهابية غير المسؤولة.