تواصل الجماعات والمنظمات الإرهابية سعيها الدؤوب لتطوير عملياتها مستغلة التقدم التكنولوجي وما يرافقه من ظهور أدوات أقل ما يقال عنها أنها مدمرة.
وتسعى المنظمات الإرهابية لمواكبة كل جديد في عالم التكنولوجيا لاستغلاله في مخطاطتهم التخريبية، ومنها تقنية تعديل الجينات في الحشرات، بغرض التسبب بكوارث بيئية خطيرة، يصعب على الحكومات التحرك بسرعة لإحباطها.
التقنية التي أطلق عليها اسم "محرك الجينات"، تقوم على تعزيز هيمنة الطفرات الجينية عند تزاوج الحشرات، وانتقال تلك الطفرات إلى الأجيال القادمة منها.
ويمكن تشبيه هذه الطريقة بسلسلة التفاعل النووي، علما أن الجينات المصابة بتلك الطفرات معدّلة هندسيا لنشرها عبر استغلال تلك الحشرات.
الأسلوب الجديد قابل للاستخدام في الأعمال المفيدة، إذ يمكن تسخيرها في القضاء على البعوض التي تنقل الكثير من الأمراض مثل الملاريا والحمى الصفراء، إلا أن وقوع هذه التقنية في أيدي المخربين قد يقود إلى استغلالها في الأعمال الشريرة لنشر الأمراض الخطيرة.
وما يثير مخاوف أجهزة الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، الكلفة المنخفضة لهذه التقنية من حيث التجهيزات المخبرية المتواضعة، وإمكانية الوصول السهل إليها، بحيث يتمكن الإرهابيون من تصنيع البكتيريا أو الفيروسات الخطيرة التي تقمع الخلايا الجينية البشرية وتتلفها.
ونبّه أحدث تقرير للرابطة الأميركية لتقدم العلوم AAAS إلى إمكانية لجوء منظمات إرهابية إلى استغلال "محرك الجينات" للتسبب بأضرار كارثية على القطاع الزراعي.
وأوضحت الرابطة: "تتمتع محركات الجينات بقدرتها على جعل البعوض غير صالح لاستضافة ونشر الملاريا، ولكنها في المقابل قابلة للتعديل بحيث تحمل بكتيريا وسموما قاتلة تضر بالبشر على نحو مؤثر".
فكرة "محرك الجينات" الخطيرة تعود إلى العام 2003، وقد ابتكرها أوستن بيرت، عالم الوراثة في مركز إمبريال كوليدج لندن، إلا أن التطبيق العملي لهذا المفهوم حدث لاحقا من خلال طريقة أطلق عليها اسم Crispr والتي تتيح نسخ الكود الجيني DNA في المختبرات وبسهولة، مع إجراء أي تعديلات.
وهكذا تأتي الجينات بطاقة أكبر كونها تحمل مكونات جينية كثيرة قابلة للانتقال على نحو أسرع مقارنة بتلك العادية.
وخلال أجيال يمكن نشر الجينات التي يريدها العالم بسرعة هائلة وفي أي منطقة بالكرة الأرضية.
وقد تكون الولايات المتحدة الأميركية سبّاقة في الانتباه لهذا الخطر، حيث صدر في العام 2017 قانون "حماية الزراعة والأغذية"، والذي نسّق العلاقة بين وزارة الزراعة والأمن الداخلي، لمنع ما وصفه بـ"الإرهاب الزراعي"، والاستجابة لأي تهديد يندرج تحت هذا الخطر.