أعلنت منصة "تويتر" مؤخرا تحالفها مع خدمتي "رويترز" وأسوشيتد برس" الإخباريتين للتأكد من صحة الأخبار العاجلة ودقة تفاصيل أحداثها، وهو مؤشر جاد طال انتظاره ضمن انتفاضة (سوشلية) على ذيوع الأخبار الكاذبة وانتشار الشائعات.
ذكر بيان "تويتر" أهمية "رسم المسار لدقة السياق الخبري"، وهذا الكلام يعد سبقا في الاحتراز من الأكاذيب السارية، وهو محك نضع جميعاً هذه المنصة عليه، لأنها وباختصار الأكثر استخداما لنشر الأخبار من قبل المصادر الرسمية وغيرها، وفي تاريخ المنصة ما يندى له الجبين من التسامح مع نشوء واستشراء موجات التضليل والافتراء وبناء الرأي العام على الخطأ.
ما يميز خدمتي أخبار "رويترز" و"AP" حرصهما على ربط كل حدث بدليل على هيئة صورة أو فيديو أو تصريح موثق ضمن تغطيات مؤصلة تمتلكان حقوقها، وبناء على ذلك يكون بمقدور الخدمتين استحضار المرجعية المثبتة من أرشيفهما لدحض الإنكار أو الافتراء - مبالغة أو تهوينا.
هذا التوجه الجديد يفتح باب المراجعة لأخلاقيات الرواج التصاعدي للمنشور السوشلي trending))، واحتواء تبعات صعود الكذبة أو الإشاعة في مهدها، وليس ذلك حرصا على المستخدمين أو المجتمعات، فقد ربحت منصات السوشل من شيوع الكذب والتدليس عبر أدواتها ما أوصلها للحجم والربحية كما نراها اليوم، واشتداد أضرار الكذب أثناء الجائحة الحالية والانتخابات الأمريكية الأخيرة، وإزهاق الأرواح بترويج رفض التطعيم أو التظاهر العنيف ضد النظام (الغربي)، وموجة تمثيل استحقاقات الأقليات والمهمشين؛ كلها أجبرت المنصات المتنافسة في ترويج وإعلاء أي لغط وجدال مربح للإعلانات بسبب تزاحم الأنظار عليه - أجبرتها على التحول إلى تحري النقيض، من باب التنافس على ما هو أخلاقي -العملة الرائجة حاليا- لتبقى محط أنظار المستخدمين وملجأهم المعرفي لكل ما يدور، في زمن يتكاسل فيه المواطن الشبكي netizen عن مراجعة مصادر الأخبار قبل تصديقها ونشرها والتفاعل معها وهي على عواهنها.
في هذه المبادرة أيضا درس لبعض وسائل الاعلام التقليدي، لتتجنب مجاراة ومواكبة ما يحدث الصخب على منصات السوشل، بغية الإبقاء على صوتها مسموعا وإن كان تردادا لصدى كذبة.
هنالك حاجة إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية الإخبارية، والرقابة المتبادلة حتى بين مصدر الأخبار وناقله، إذ تحضرني ممارسة شهدتها من أكثر الاعلاميين حرفية، وهي سؤال مصدر الخبر عن رغبته الفعلية في أن يُنقل عنه تصريحه بالأسلوب الذي خرج به، وفي ذلك إشارة ضمنية إلى مثالب في سياق التصريح، وفي الاستئذان إبراء لذمة الاعلامي، حيث له ولوسيلته مطلق الحرية بعد إقرار المصدر بالموافقة في نقل التصريح، ونقده أيضا، وذلك جدال تم تسليعه وبيعه منذ نشوء صناعة الأخبار.