الاعتداء على ناقلة النفط مرسر ستريت والمُشغلة من قبل شركة زودياك مريتايم الإسرائيلية في 31 يوليو 2021، قبالة السواحل العمانية، يستوجب أكثر من مراجعة، ليس فقط انطلاقا من الخسائر البشرية والاقتصادية، بل دلالاته واستتباعاته المحتملة.
فهل يمثل ذلك تحولا تكتيكيا لإيران منذ أول اعتداء على ناقلات نفط في خليج عُمان في مايو 2019، إلى آخر اعتداء على ميرسر ستريت؟ فهي اختارت موقعا خارج نطاق عمليات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني بزوارقها السريعة (خليج عُمان/مضيق هرمز) القادرة على إطلاق صواريخ مضادة للسفن منتجة محليا، وهي نسخ من الصاروخ الصيني C-802 (المطور عن الصاروخ الفرنسي إكسوسست).
إلا أن دخول سفينة القتال متعددة المهام مكران 441 Makran مطلع يناير 2021 وهي تمثل منصة لإطلاق الزوارق السريعة، والمروحيات القتالية، والمسيرات UAVs، ذلك بالإضافة لزراعة الألغام، وكذلك هي قادرة على إطلاق صواريخ جوالة "كروز" متوسطة وبعيدة المدى من فئتي قدير وأبو مهدي، وقصيرة المدى مضادة للسفن من فئة ناصر، وكلها من حيث المبدأ نسخ مطورة عن الصاروخ الصيني C-802.
في 6 يناير 2021 أجرت إيران أكبر تجربة لمسيراتها UAVs الانتحارية بعيدة المدى في خليج عُمان، ويتجاوز مداها ٨٠٠ ميل بحري.
منصة القتال السفينة مكران، رصدت في قناة إنجلترا في 19 يوليو 2021، هي المنصة الأكثر ترجيحا في تنفيذ اعتداء مماثل للاعتداء الذي وقع على الناقلة مرسر ستريت في حال عادت لمنطقة عملياتها في أعالي المحيط الهندي وبحر العرب، ويجب ألا تعتبر العملية ردا على خسارة إيران لأكبر سفن الإمداد "خرج" مطلع يونيو 2021 في ظروف وصفت بالغامضة.
إلا أن اهم ملاحظة يسجل غيابها في هذا الاعتداء هو تعمد تغييب أي صورة للسفينة ميرسر ستريت بعد الاعتداء، فهل استهدفت المسيرة عن عمد أو دون عمد برج القيادة أو منطقة الإعاشة في الناقلة؟ وربما قد يكون ذلك بهدف احتواء الأضرار المعنوية لمثل هذا الاعتداء على قطاع النقل البحري، وكذلك عدم إعطاء إيران فرصة للتباهي المعنوي عسكريا وسياسيا.
الموقف الأميركي الإسرائيلي الانجليزي هو الأعلى الآن في المطالبة بمحاسبة إيران عن الاعتداء على ناقلة النفط مرسر ستريت، إلا أن الولايات المتحدة ستفضل التريث نسبيا قبل تنفيذ أي عمل عقابي في حق البحرية الإيرانية، وقد تكون دوافع ذلك تقييم توقيت الاعتداء قبل تسلم الرئيس الإيراني الجديد مهام مكتبه بأربعة أيام، فهل كان ذلك بهدف إظهار الحرس الثوري لإرادته السياسية المستقلة؟
بغض النظر عن دوافع إيران في إقدامها على ذلك الاعتداء وتوقيته، وفي منطقة عمليات لطالما طمحت البحرية الإيرانية لإقناع خصومها بقدرتها على فرض وجودها فيها، يعد تصعيدا غير مسبوق، واستعراضا للقوة بأدوات مستحدثة قد يطور من قدراتها التكتيكية عبر ثنائية السفينة مكران وغواصاتها من فئة كيلو تحديدا، فمكران قادرة على أداء وظيفة الدعم والإمداد لتلك الغواصات من دون حاجة لإجراء تعديلات.
أما الفرضية الأخيرة هنا (بافتراض أن مكران هي خارج منطقة عملياتها في الوقت الراهن)، فهل طورت البحرية الإيرانية من قدرات بعض سفن أسطولها التجاري بقدرة إطلاق مسيرات من على سطحها، بعد نجاحها في ذلك من على سفينتها مكران؟ وكيف سيجري إثبات ذلك؟ إم أن الاستخبارات الإسرائيلية قد سلمت الولايات المتحدة أدلة على ذلك؟