عندما بدأ التنافس على استكشاف الفضاء بين السوفييت والأميركان، كان – إن أردنا التبسيط – ذروة اندماجٍ بين علمي الاتصالات والطيران، والفوائد المترتبة على وضع هوائي لاقط ومرسل في مدار الأرض، مثل قمر سبوتنيك 1 في 1957، وتبعها مباشرة وضع إنسان في المدار في 1961، وتتابع الفضول التجريبي بين الدول المتقدمة، ومنها مؤخراً الإمارات.

الفائدة بالنسبة لشعوب المنطقة تتمثل في وجود فريق خبراء صاعد، مقره دولة عربية، يبعد زمنياً عن أول محاولة للطيران أجراها عباس بن فرناس بأكثر من 11 قرناً، وأضاف تجربة نوعية إلى جهود سابقة مختلفة، نتج عنها ريادة الأمير السعودي سلطان بن سلمان للفضاء عبر ناسا في 1985، والسوري محمد العقيدي عبر برنامج الفضاء الروسي في 1987، والإماراتي هزاع المنصوري في 2019 عبر محطة الفضاء الدولية.

هذا الفريق الإماراتي التقني تعلم – قبل نجاحه في هذا الإنجاز – علوم ومهارات البرمجة والاتصالات، والاستشعار عن بعد، والتحريك عبر المسافات الشاسعة، والتقاط وقراءة الصور، وتحليل بيانات دقيقة جمعها المسبار في ظروف قاسية. هذا الفريق نواة لفرق أخرى ستتكفل بتطبيق بممارسة وتطبيق هذه الطرق لاستخدامات مدنية وعسكرية هنا على الأرض. سوف ترث هذه الفرق مهارات الفريق الأول وانطباعاته التجريبية، في الابتكار، والعمل تحت الضغط، والعمل الدقيق الموحد.

أما أهمية الكوكب الأحمر، فهي أنه إما كوكب بدائي النشأة ويمر بأطوار الحياة الأولية، فتدرس الدول القادرة تكوينات سطحه من تربة وتضاريس وغلاف جوي، لمعرفة كيف تتلف عناصرها وتتجدد، وعندها يمكن تحفيز التفاعلات الإيجابية لإصلاح التربة والأجواء في المواقع المتضررة هنا على الأرض؛ أو أنه كوكب – بحسب الخيال العلمي – قامت قيامته ويجب دراسة أرضه الجرداء المحروقة، تجنباً لأن يفتعل البشر قيامة صغرى في بعض البقاع عن عمد أو إهمال.

هذا نجاح يسجل بتسارع عجيب لدولة "البيت المتوحد" التي استقلت واستعجلت نهضتها منذ نصف قرن، وبلغت شأناً رغم التحديات والمنغصات الإقليمية، والرجاء في أن يبروا أكثر بمقولة المرحوم الشيخ زايد: »الرجال هي اللي تصنع المصانع، والرجال هي اللي تصنع سعادتها، والرجال هي اللي تصنع حاضرها ومستقبلها«، بمزيدٍ من تطوير التكنولوجيا الوطنية فائقة التقدم على الأرض وفي الفضاء، فربما صار لـ "أدنوك" يوماً ما رديف متخصص في تعدين النيازك.