أحدث فصول التظاهرات في روسيا من قبل أتباع المعارض آليكسي نافالني تقود إلى التساؤل والمقارنة بين وضعه ووضع المعارضة اليمنية توكّل كرمان قبل عقدٍ من الزمن.
الشبه كبير: التلميع الحقوقي، والتضامن الخارجي، والتموضع السياسي – أو الموضعة، والتحشيد والاصطفاف، وتقمّص التضحية، والكذب والتلفيق، والهروب إلى الداعمين الخارجيين، والتحريض عن بعد، والتصوير البطولي لتزعّم المظاهرات والأصداء الشعبية (ظاهرياً) للمطالبات، مروراً بالترشيح من قبل إدارة أميركية ديمقراطية لجائزة نوبل للسلام، ثم المكافأة بمناصب فعلية وفخرية.
يختلف نافالني عن توكّل في تعرّضه للتسميم، الذي بات نمطاً معتاداً يطال المنشقين والمعارضين الروس ذوي الأدوار والقابلية التحريضية. تم نقله إلى ألمانيا لتلقّي العلاج، فيما قد يبدو ممارسة للقوة الناعمة الألمانية استرضاءً للروس من أجل إتمام مشروع أنابيب نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر ألمانيا تحت بحر البلطيق، وهو المشروع الذي قد تراه السياسة الأميركية لحماية المناخ نقطة مساومة جيوسياسية/جيواقتصادية لروسيا وأوروبا معاً، لكن هذا حديث آخر.
ما يهمنا من المسألة برمّتها هو هذا النمط لصناعة النجوم المعارضين، وجمع وإثارة قضايا عادلة يراد بها باطل، الدول الرشيدة أو الساعية للرّشد أولى أن تعالجها وتسوّق جهودها لعلاجها، للداخل قبل الخارج، ليعلم الطامحون ألا فائدة من التسجيل في برنامج "معارض آيدول"، وإرضاء لجنة تحكيم أجنبية، ولتعلم لجنة التحكيم ألا فائدة من انتخاب فائزين وإعلانهم أبطالاً في ظل جهود إصلاحية مؤسسية، تنتفي معها فائدة تبنّي وتضخيم فرد مقابل رئيس أو معارضة مقابل حزب حاكم.
صيانة العقد الاجتماعي الناجح بين الشعوب والحكومات، واستدامته بالتنمية المتواصلة، أو الحد من خسارة عناصرها المنتجة على الأقل، والاحتياط للثغرات المرشحة لتكون مآخذ تُستغل؛ كلها عوامل تُحفّز الأجيال على الالتفات نحو الأمام وإكمال المسيرة، بدل الانشغال بتبرير أو معالجة ادعاءات لها ما يدحضها من التضحيات والإنجازات.