منذ أن بدأت جائحة كورونا في أميركا ، يعقد الرئيس ترمب مؤتمرا للحديث عن الجائحة ، ويقف بجانبه مدير المركز الوطني للحساسية والأمراض المعدية ، الدكتور انتوني فاوتشي ، وكثيرا ما أشاد الرئيس بالدكتور . هذا ، ولكن هذه العلاقة أخذت منعطفا حادّا خلال الأيام الماضية ، إذ بات واضحا أنهما ليسا على وفاق ، خصوصا فيما يتعلق بتخفيف الحظر وفتح الإقتصاد.
وكنت كتبت كثيرا عن الدكتور فاوتشي وأشدت به وبجهوده كعالم وطبيب مختص ، ولكن ما تسرّب عنه مؤخرا من معلومات ، من علماء وأطباء ، يصيب المتابع بحيرة ، إذ يتم ربطه بلوبيات المصالح ، والحديث عن شركات الأدوية يطول ، فحتى قبل جائحة كورونا ، تتسّرب بين الفينة والأخرى معلومات عن سعي هذه الشركات لمنع أو تأخير إنتاج أدوية ناجعة تقضي على بعض الأمراض المزمنة ، لأن ذلك يعني خسارة مئات المليارات في تصنيع أدوية بشكل دائم.
ما يعنينا في خلاف الرئيس ترمب مع الدكتور فاوتشي هو أن موقف ترمب من الدكتور قد يمنح مصداقية لتلك الأصوات ، التي تتهم الدكتور بالمشاركة في تسييس الجائحة ، فالرئيس الأمريكي ليس كأي سياسي ، إذ هو رئيس أقوى دولة في العالم ، ويطلع كل صباح على التقارير الإستخباراتية والأمنية ، التي يقدمها أكثر من سبعة عشر جهازا أمنيا ، ولا شك في أنه يعلم الكثير عن كورونا ، وقد اطلّعت على تقارير ، لا أؤكد ولا أنفي صحتها ، تشير إلى أن فيروس كورونا معدّل وراثيا ، وأن العمل عليه بدأ في مختبر في جامعة شمال كارولينا بأميركا ، بمعرفة ودعم من الدكتور فاوتشي ، ثم انتقل العمل على الفيروس من المختبر الأميركي إلى مختبر ووهان الصيني ، والغريب أن كبار منصات الإعلام الأمريكي لا تتطرق لمثل هذه التقارير ، بل تسير في تغطياتها على وتيرة واحدة ، رغم أن المصداقية والموضوعية تقتضي منها نقل كل وجهات النظر حيال جائحة كورونا العجيبة.
من يتابع تطورات الأزمة ، لا بد أن يطرح الكثير من الأسئلة ، إذ ماذا عن التسريبات ، التي تؤكد على أن هناك ضغوط تُمارس على الأطباء لتسجيل أي وفاة على أنها نتيجة للإصابة بكورونا ، حتى ولو لم تكن كذلك ، وماذا عن آلاف الوفيات في مدينة نيويورك ، والتي تم تسجيلها على أنها نتيجة للإصابة بكورونا ، ثم اتضح أنها خلاف ذلك ، ثم ماذا عن مبالغات الإعلام المضاد لترمب حول المرض ، والتأكيد على خطورة عودة الحياة وفتح الإقتصاد ، وحتى عندما نقضت المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن قرار الحاكم الديمقراطي باستمرار الحظر ، وخرج سكان الولاية إلى المطاعم والمقاهي ، تحدثت قنوات التلفزيون المضادة لترمب عن ذلك بشكل مبالغ فيه ، وكأن الناس حقنوا أنفسهم بالفايروس ، فخصوم ترمب لا يريدون فتح الإقتصاد ، ربما ليس بسبب خطورة الوضع ، بل لأن عودة الإزدهار الإقتصادي تعني فوز ترمب بإعادة الإنتخاب ، وهناك من أنصار ترمب من يجزم بأن كورونا هو نتيجة مؤامرة عالمية للإطاحة بترمب ، بعد أن فشلوا في عزله مرتين ، وما يهمني هنا هو أن نعرف : هل ترمب يتدخل بقضايا علمية طبيّة لا علاقة له بها ، أم أن هناك بالفعل تسييس لجائحة كورونا ، يشترك فيها حتى العلماء ، مثل الدكتور فاوتشي ، لصالح شركات الأدوية من جهة وللإطاحة بترمب في نوفمبر القادم من جهة أخرى، فهل يا ترى ستكشف لنا الأيام القادمة الحقيقة؟!.