في مفاجأة من العيار الثقيل، اختارت منصة فيسبوك الناشطة، توكل كرمان، كعضو في مجلس حكماء فيسبوك عن منطقة الشرق الأوسط، ما يعني أنها ستكون مسؤولة ومراقبة لمحتوى فيسبوك في أكثر المناطق التهابا.

ولا يراودني أدنى شك في أن هذا القرار مسيّس، وأن من دفع بها هنا، هو ذاته من دفع بها قبل سنوات لتحصل على أرقى الجوائز العالمية، أي جائزة نوبل، وتثير ضجة كبرى، لأنها لا تملك ما يشفع لها لنيل شرف الحصول على هذه الجائزة الرفيعة، وكم كان صادما أن نكتشف أن هذه الجائزة دخلت نادي التسييس، وهو التسييس، الذي اكتشفته شخصيات عظيمة منذ سنوات طويلة فرفضت قبول الجائزة واستلامها، ومنهم الأديب والفيلسوف الفرنسي، جون سارتر، والشاعر الروسي العظيم، وصاحب رواية دكتور زيفاغو، بوريس باسترناك، وبرنارد شو، الأديب الإنجليزي الشهير.

وكنت قد كتبت بعد فوز السيدة كرمان بالجائزة أن وراء فوزها ما وراءه، إذ ليس من المنطقي أن تستعصي هذه الجائزة على أسماء عربية كبيرة، مثل الطبيب والأديب الكبير، يوسف إدريس، والشاعر والناقد أدونيس، ثم تمنح لسيدة لا يعرفها أحد، كأول امرأة عربية، وثاني امرأة مسلمة تحصل عليها.

ومن يقرأ سيرتها يدرك أنها مجرد صحفية وناشطة سياسية، وعالمنا العربي مليء بالناشطات منذ عشرات السنين، ممّن يتفوقن على السيدة توكل فكرا وعلما وثقافة، كما أن كثيراً منهن يحملن أعلى الشهادات، من أعرق جامعات العالم، فلماذا السيدة توكل بالذات؟

وهذا جعلني أربط بين انتمائها للتنظيم الدولي للإخوان، وبين فوزها بالجائزة، خصوصا وأن الفوز تزامن مع تسويق التنظيم الدولي للإخوان لحكم العالم العربي، بديلاً لبعض الحكام العرب، فالقوى العظمى تعبت من التعامل مع بعض الحكام العرب كل على حدة، وأرادت أن تتعامل مع حاكم عربي واحد، ممثلاً بالمرشد العام للتنظيم، تماماً كما تفعل هذه القوى مع الولي الفقيه في طهران!

يخبرني صديق يمني عزيز بمرارة أن السيدة توكل كرمان دارت، أيام الثورات العربية، بأرض اليمن السعيد، واكتشفت أن كل قضاياه العسيرة قد حلت، فلا يوجد فقر ولا احتراب داخلي، كما أن حكومته المدنية قد تم اختيارها عبر صناديق الاقتراع، فقررت أن تركز جهودها في بلاد الثورات، وذلك لتنشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ونعود لاختيار توكل لمجلس حكماء فيسبوك، والذي أجزم أن وراءه ما وراءه، فاليسار الغربي وحلفائه في المنطقة، التنظيم الدولي للإخوان ورعاته تركيا وقطر يخطّطون لموجة ربيع آخر، بدأ الإعداد لها بالهجوم الشرس على الدول التي وقفت بصلابة ضد الثورات الأولى، أي المملكة والإمارات ومصر، ثم تم استقطاب شخصيات إخوانية متطرفة لتكتب في منصات الإعلام الحر، الواشنطن بوست وغيرها.

واليوم يتم استقطاب شخصية حزبية مؤدلجة لتراقب محتوى منصة إعلامية يفترض أنها تدعم الحريات والحقوق، وما علينا والحالة هذه إلا أن نكون على أهبة الاستعداد لمناهضة مخططات اليسار الغربي وحلفائه في المنطقة، والذين لن يهنأ لهم بال حتى يروا دول الخليج تحترق مثل ليبيا وسوريا والعراق، فكونوا على حذر!