تضاف خطوة تشغيل الوحدة الأولى من مفاعل براكة الإماراتي إلى سجل الإنجازات المتواصلة لدولة كثيرة الإنجازات ومتسارعة التقدم، ومع هذا الإنجاز يأتي متطلب استضافة الإمارات لكمبيوتر خارق، يضع الفرضيات اللامتناهية ويختزلها في الفرضية الأكثر واقعية ليبتّ فيها صناع القرار، ويمكن لهذه الفرضية أن تكون سياسية أو اقتصادية أو عسكرية إلخ.

يمضي التطور بوتيرة لا تتيح انتظار عقد آخر لتستضيف دولة عربية ذات تجربة رائدة شكلا متقدما من أشكال التكنولوجيا كمفاعل نووي متطور. لدينا خيارات سياسية وجبهات صراع في منطقة لا تستقر حتى تعاود الاضطراب، ومثلما نالت الإمارات الثقة من الدول المانحة للتقنية النووية المتطورة، فحبذا لو تم استثمار المزيد من هذه الثقة لابتكار كمبيوتر خارق على غرار ما هو موجود لدى الولايات المتحدة والصين.

مناسبة الحديث في هذا الموضوع، هو فوز ائتلاف شركتي هيولت باكارد وأدفانسد مايكرو سيستمز بعقد يبلغ ستمائة مليون دولار أمريكي، منحته الولايات المتحدة لتصنيع أحدث وأقدر كمبيوتر خارق، قادر على إجراء المعادلات الهائلة في أقصر وقت. هذه العمليات الحسابية هي البديل الحديث لتجارب تفجير القنابل النووية في الماضي، لكنها أصبحت افتراضية بلا تلوث إشعاعي ومع هامش خطأ معدوم. هذا الكمبيوتر المسمى (إل كابيتان) سيكون أسرع بواقع ثلاثين في المائة من أقرب منافسيه، وبإمكانه معالجة عدد مهول من المعادلات والفرضيات في الثانية الواحدة تبلغ 2 إكسافلوب، أو 2 كوينتيليون معادلة، وهو عدد يبلغ ملياري مليار (اثنان وثمانية عشر صفرا).

نحتاج من هذا الكمبيوتر الخارق، إذا ما توفر، أن يتغذى على معطيات ظروفنا الوطنية والإقليمية، ويفرز جميع احتمالاتها الواردة والمستبعدة بنمط وكفاءة لا تقدر عليها مراكز الأبحاث، ليطرح سؤالا مصيريا حول الخطوات القادمة المتخذة للتعامل مع الظروف بنجاح. هذا السيناريو يزنه صناع القرار، ويعرفه الغرب باسم سؤال ليتموس، وهو سؤال يطرح على المرشحين لمناصب عليا وحساسة، ويتم تعيينهم بناء على نجاحهم في الإجابة عليه. ومثله يكون الجواب على فرضية الكمبيوتر الخارق واقعا معاشا يتوجب التعامل معه.

الأمر ليس خيالا علميا، وإنما اختزالا سيبرانيا لما قد يقدمه المستشارون البشر مع هامش خطأ معدوم.