يختلط الأمر على الكثيرين عند قراءتهم التاريخ ومقابلتهم لفظ "التُرك"، فيحسبون أن الكاتب يعني به أولئك الذين يعيشون بدولة تركيا الحالية، ولا يدركون أن "التُرك" مصطلح أوسع من "الأتراك" سواء كانوا العثمانيون، أو الدولة التركية المعاصرة.
يخطئون كذلك إذ يحسبون أن التُرك لم يظهروا في التاريخ العربي الإسلامي إلا في القرن الثالث عشر عند قيام دولة العثمانيين.
الواقع أن العرق التركي يرد ذكره منذ ما قبل الإسلام بقرون، ثم يظهر في التاريخ الإسلامي بمراحله المختلفة، والقارئ لتاريخ علاقات الترك بالعرب في التاريخ الإسلامي يستطيع أن يستخلص نتيجتان: الأولى أن المَد التركي على المساحات الإسلامية والعربية قد سبق ظهور العثمانيين بمئات السنين، والأخرى أن من بين الدول الإسلامية التركية فإن الدولة العثمانية تعد هي الأحط حضاريا والأسوأ أثرا رغم أنها قد حازت الشهرة الأكبر بين قريناتها.
تتبع البدايات
قبل ميلاد السيد المسيح بقرون، ظهر التُرك بين منطقتا التبت والصين شمال جبال الهيمالايا، حيث يربطهم المؤرخون بصلة نسب أو قرابة مع العرق المغولي الذي يتشابهون معه كثيراً سواء من حيث الصفات العرقية أو نمط الحياة كعشائر بدوية رعوية متنقلة محاربة.
وكنتيجة لهذا النمط من الحياة، كان من الطبيعي أن يقع تماس وتداخل بين تاريخ التُرك وتواريخ الأمم المتاخمة من صينيين وفُرس وهنود، خاصة وأن منطقة ميلاد الجنس التركي كانت تمثل ما يوصف بأنه "خزان بشري" يضخ الكتل البشرية المتحركة فيما حوله، لا سيما وأن هذا الجنس قد نزع في مرحلة لاحقة لظهوره إلى تكوين وحدات بشرية أكبر من "العشيرة" اتجهت طموحاتها إلى إقامة ممالك ومناطق نفوذ، وهو ما كان بالفعل، مما أدخل الأتراك في فترات من الصراعات مع الدول المجاورة، فنقرأ في كتب التاريخ عن صداماتهم مع الأسر الحاكمة الصينية ومحاولات تلك الأسر لطردهم أو إخضاعهم، ونجد ذكراً لهم في "الشاه نامه/كتاب الملوك" الذي ألفه الفردوسي للتاريخ الشعبي الفارسي تحت مسمى "الطورانيين" في حكايات حروب ملوك الفُرس الأوائل.
بل ولقد بلغ ضخهم العالم المحيط بالكتل البشرية أن بعض موجات ذلك الضخ قد اتجهت غربا سواء في هيئة "الهون" الذين هدد قائدهم "أتيلا" الإمبراطورية الرومانية، أو في هيئة الفرسان المقاتلون الرُحَل الذين تكونت منهم بعد ذلك شعوب مثل المجريين والبلغار وهددوا في القرون الوسطى مناطق ألمانيا وإيطاليا.
واتجهت بعض تلك الكتل إلى غرب آسيا أو المنطقة المسماة "تركستان الشرقية" حيث أقاموا ممالك وإمارات في المنطقة التي تشغلها حاليًا دول مثل تركمانستان وأوزبكستان من دول الاتحاد السوفيتي السابق، وهي المنطقة التي تصفها الكتابات الإسلامية بـ"ما وراء النهر"(نهر جيحون).
التُرك والدولة الإسلامية
بداية احتكاك العرب المسلمين من ناحية والتُرك من ناحية أخرى كانت في عهد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، عندما أسقط المسلمون الإمبراطورية الفارسية وورثوا مملكاتها فأصبحوا مجاورين للممالك والإمارات التركية التي كانت في حالة تصارع وشقاق دائمين، وعبثًا حاول المسلمون أن يدعوا أهالي تلك الدول إلى الإسلام لكنهم كانوا يواجهون بالعداء والتحرش مما تسبب في هجمات متبادَلة فرضها الجوار بين ثقافتين متناقضتين.
إلا أن التمدد الإسلامي الحقيقي باتجاه الأمم التركية فيما وراء النهر كان عليه أن ينتظر حتى العصر الأموي وتحديداً عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك على يد القائد قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي اصطدم بخاقانات وأمراء الأتراك واستطاع أن يرفع راية المسلمين على مساحات من بلادهم.
ونظراً لتفرق تلك الدول التركية وتصارعها فإن بعض ملوكها قد رأى الانضواء طواعية تحت الحكم الإسلامي فاعتنق بعض هؤلاء الملوك الإسلام وصاروا يحاربون في صفوف المسلمين ضد خصومهم من ذات العرق.
المثير للتأمل أن من موروثات الأحاديث المنسوبة للرسول محمد حديث ينهى عن محاربة التُرك "اتركوا التُرك ما تركوكم"، ولكن يبدو أن توقفه على شرط "ما تركوكم" ونزوع التُرك للتحرش بجيرانهم الجدد-المسلمون-قد جعل هؤلاء الأخاري في حِل من التزام "اتركوا التُرك"، فضلًا عن نزوعة التمدد والتوسع عند الأمويين وقانون ذلك العَصر "إن لم تغزو جيرانك غزوك هم".
وهكذا صار التُرك في منطقة ما وراء النهر-بعضهم لو شئنا الدقة- من العناصر البشرية المكونة لمجموع المسلمين في العصر الأموي، وانضموا للفئة الموسومة بـ"الموالي"- وهم المسلمون من غير العرب-تلك الفئة التي عانت العنصرية العرقية للأمويين الذين تعصبوا للعنصر العربي على حساب غيره من الأعراق.
وكنتيجة منطقية لهذا التعصب الأموي، فقد كان من الطبيعي أن ينحاز التُرك مع الفُرس إلى جانب العباسيين في ثورتهم على بني أمية، تلك الثورة التي انتهت بالقضاء على الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية سنة 750م.
تصاعد النفوذ التركي في العصر العباسي
مع صعود العباسيين نالت فئة الموالي الحظوة عند النظام الجديد الذي استكثر من العنصرين الفارسي والتركي في صفوف الجند والحكومة، ولعل ممن نالوا الشهرة الواسعة في هذا الحقل القائد التركي "مسرور الخادم" الذي كان من المقربين إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد، حتى أن القصة الشعبية "ألف ليلة وليلة" قد خلدته في شخصية "مسرور السياف" سيف نقمة الملك شهريار
رغم ذلك كانت اليد الأعلى للعناصر الفارسية خاصة في عهد الخليفة المأمون بن الرشيد الذي انحاز إلى الفُرس -خاصة مع انتماء أمه إليهم- ولمساندتهم إياه في حربه ضد أخيه الأمين، فضلًا عن أن المأمون كان خلال ولايته إقليم خراسان في حالة صدام شبه دائم مع الدول التركية غير المسلمة التي كان بعضها يعتنق الشامانية والبعض الآخر يعتنق المانوية (الشامانية هي ديانة تقوم على تقديس قوى الطبيعة وأرواح الأسلاف والمانوية ديانة تقوم على وجود صراع بين عالما النور والظلام).
لكن هذا لم يمنع بروز شخصية تركية قوية في عهد المأمون هي القائد "حيدر بن كاوس" المعروف بلقب "الأفشين"، والذي كان بمثابة اليد الباطشة للخليفة المأمون ثم خلفه المعتصم حتى نقم عليه هذا الأخير واتهمه بالخيانة وأعدمه.
وفي عهد الخليفة المعتصم بالله، تسارع علو نجم التُرك الذين كانت الجارية "ماردة" أم المعتصم منهم، فانحاز الخليفة إليهم وجعلهم القاعدة الغالبة لجيشه وقادته نظرًا لاستوحاشه من العرب لسرعة تقلب انحيازاتهم ومن الفُرس لتعصبهم لجنسهم.
ونقل المعتصم عاصمته إلى مدينة "سُر من رأى" التي بناها لتكون قاعدة لحكمه وجيوشه (حملت بعد اضمحلالها اسم "ساء من رأى" ثم حرفت إلى سامراء).
وشهد العصر العباسي اعتناق أعداد كبيرة من التُرك الإسلام تبعاً لملوكهم، والذين أشار لهم المسلمون بصفة "تُرك إيمان" ثم حرفت إلى "تركمان"
ولكن نهاية عهد الخليفة المتوكل على الله مثلت للعنصر التركي في الحكومة العباسية وثبة قوية، إذ اشترك القادة التُرك مع ولي عهده "المنتصر بالله" في مؤامرة لاغتيال أبيه، ثم سرعان ما دبروا اغتيال المنتصر ليصبحوا هم المتحكمين في الخلفاء ينصبونهم ويعزلونهم كيفما شاءوا حتى لم يعد للخليفة سوى الاسم الشرفي، ولو حاول بعض هؤلاء الخلفاء التمرد على تلك الوصاية فمصيره الخلع أو القتل أو السجن أو تسميل العينين.
قيام الدول التركية المستقلة
المرحلة التالية في التسلط التركي على الدولة الإسلامية تمثل في قيام دول مستقلة تركية، ليس للخليفة فيها سوى ضرب اسمه على العُملة والدعاء على المنابر. فقد أجبر بعض القادة من الأتراك الخلفاء على منحهم ألقاب مثل "أمير الأمراء" وإصدار أوامر خليفته بأن "الخليفة قد ولى فلانا من القادة كل ما وراء بابه"، حتى أن بعضهم كان يصدر مرسوم بتعيينه والياً على بعض الولايات فكان لا يتوجه إليها بنفسه خشية أن يترك مركز الحكم في بغداد أو سامراء، وكان يعين نائبًا منه عليها.
أنتجت تلك السياسة قيام أسر تركية حاكمة في بعض الولايات أبرزها مصر التي حكمها مستقلا الأمير التركي أحمد بن طولون -الذي كان حاكماً عادلاً قوياً- ثم خلفه أبناءه حتى استطاع العباسيون استرداد هذه الولاية الهامة منهم، وكذلك التركي محمد بن طغج الذي منحه الخليفة لقب "الأخشيد"-وهو لقب ملكي تركي قديم- وأقام فيها أسرة حاكمة لم يطل عمرها إذ أسقطها الفاطميون القادمون من المغرب.
في الشرق كذلك قامت أسر تركية حاكمة، لكن بذرتها لم تولد في مركز الحكم -بغداد- وإنما جاء مؤسسوها في شكل هجرات ضخمة استقرت على الأطراف الآسيوية للدولة العباسية واعتنق ملوكها الإسلام وأعلنوا ولاءهم للخلافة العباسية -ولاء اسمي بالطبع- وسعوا للتسلط على الخليفة العباسي.. وكان بعضها يسلم الراية لبعض، فتقوم أسرة تركية حاكمة قوية ثم تضمحل فتتسلط التي تليها.
من هؤلاء نذكر الغزنويون -نسبة لإقليم غزنة- في أفغانستان والهند وغرب آسيا، والذين اشتهر منهم القائد "محمود بن سبكتكين" المعروف بـ"فاتح الهند" والذي برز في عهده العالم "أبو ريحان البيروني" والأديب "الفردوسي"، والسلاجقة الذين احتمى بهم الخليفة العباسي من نفوذ بني بويه الشيعة، والذين أقاموا-السلاجقة-إمبراطورية كبيرة ضمت فارس والعراق والشام وغرب آسيا ووضعوا نظاماً إدارياً راقياً لدولتهم اشتهر فيه الوزير "نظام الملك" الذي أسس "المدارس النظامية" وبرز من عهدهم الفقيه أبو حامد الغزالي.
ثم تفككت دولة السلاجقة نتيجة الصراعات الأسرية وساهم هذا التفكك والتناحر في سقوط معاقل الشام أمام الحملة الصليبية الأولى، فضلًا عن بزوغ نجم "الأتابكة" وهم القادة الأتراك الذين كان السلاجقة يولونهم الوصاية على أولياء العهد فتسلطوا حتى اقتطع كل أتابك (كلمة من مقطعين "أتا/الأب" و"بك/الأمير") جزءًا من الدولة يحكمه لحسابه. فبرز من بين هؤلاء الأتابكة القائد التركي عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود بن زنكي اللذان حملا راية الجهاد ضد الاحتلال الفرنجي للشرق وتمخضت دولتهم عن دولة الأيوبيين الكردية.
وعلى هامش تلك الأحداث قامت في أفغانستان دولة التُرك الخوارزميين الذين كانوا قوما محاربين بالغوا في تهديد الخلافة العباسية وحاولوا التسلط عليها، لكنهم دوهموا بالاجتياح المغولي الجنكيزخاني للشرق في عهد محمد خوارزمشاه ثم انهارت دولتهم في عهد ابنه جلال الدين منكبرتي وساحوا في الأرض كمرتزقة مقاتلون لصالح من يدفع أكثر حتى قضى عليهم الأيوبيون.
وبعد سقوط الدولة الأيوبية في الشام ومصر، ورثتها دولة قوية تنتمي لعرق الترك الغرب آسيويين هي دولة المماليك الأولى التي حكمها سلاطين أتراك (عدا شجر الدر الأرمنية والعادل كتبغا المغولي ولاجين الألماني وبيبرس الجاشنكير الجركسي) حتى سقط الحكم التركي لها بتولي أمرها السلطان برقوق الذي أقام حكم الجراكسة المماليك في العصر المملوكي الثاني (ورغم ذلك بقي اسم ملوكها "سلاطين التُرك" في بعض الكتب التراثية العربية).
وفي العصر المملوكي بلغت الحضارة الإسلامية واحدة من أعلى درجات التحضر والقوة وبرزت أسماء في مجالات الثقافة والعلوم كابن النفيس في الطب والمقريزي في التاريخ وابن كثير والسيوطي في الفقه والحديث وابن بيليك في المعمار، وغيرهم.
وجدير بالذكر أن دولة المماليك قد اصطدمت بدولة تركية أخرى هي الدولة التيمورية نسبة إلى القائد التركي-المغولي تيمورلنك الذي روع الشام والأناضول بغزاوته المدمرة واشتهر ببناءه أبراجا من جماجم قتلاه، وغزا حلب ودمشق في عهد فرج بن برقوق المملوكي فدمرهما وقبض على صناعها وأساطين البناء والمعمار بها وحملهم إلى سمرقند لبناء عاصمته الملكية (وهو نفس الذي فعله بعد قرون سليم الأول العثماني بعمال وأساطين القاهرة).
التُرك العثمانيون
تكثر "الأساطير التاريخية" حول قيام الدولة العثمانية، فيقول الشائع منها أن العثمانيون هم تُرك يصل نسبهم إلى "يافث بن النبي نوح" وأن قائدهم الأول أرطغرل هو ابن سلطان مسلم اسمه سليمان شاه كان يجاهد في سبيل الله حتى غرق في نهر الفرات، ثم تولى ابنه أرطغرل قيادة عشيرته المنتمية إلى عشيرة "قايي" التركية وحكم جزءً من الأناضول تحت راية السلاجقة ثم ورث ملكهم بفضل جهاده ضد البيزنطيين.
والواقع أن تلك الرواية مشكوك في أمرها، فشخصية "سليمان شاه" هي شخصية خيالية تفتقت عنها الأذهان العثمانية التي تريد خلق نسب راقي لأصولها. وهي مستقاة من شخصية القائد السلجوقي سليمان الذي أسس لمُلك السلاجقة في الأناضول المعروفون باسم "سلاجقة الروم".
فعشيرة قايي التركية كانت إحدى العشائر التي اختلطت بالمغول فيقال عنها "تمغلت"، ثم اضطرتها حروب جلال الدين منكبرتي خوارزمشاه مع جيرانه للنزوح إلى الأناضول حيث خدم مقاتلوها كمرتزقة لصالح سلاجقة الروم.
ومع اضمحلال حكم السلاجقة للأناضول، انتزعت بعض العشائر التركية مناطق نفوذ وأقامت إمارات أشهرها إمارات "آق قوينلو/الخروف الأبيض" و"قرا فوينلو/الخروف الأسود" و"إمارة صاروخان" و"إمارة رمضان" و"إمارة دلقادر"(التي تنمي لها أم سليم الأول العثماني).. وأسوة بها أقام أرطغرل إمارته قرب حدود بقايا الدولة البيزنطية.
وأرطغرل نفسه تحيط هويته الإسلامية الشكوك، فبينما تقدمه الأدبيات العثمانية باعتباره مجاهد مسلم وأول من أسلم من قومه، فإن ثمة تضارب في الروايات حوله، فبعضها يقول بأنه كان مسلم الأصل وأن ادعاء أنه أول من أدخل الإسلام في قومه هو مجرد محاولة عثمانية لإضفاء بطولة وشرف له، وبعضها الآخر يقول إنه وعشيرته لم يكونوا مسلمين وإنما اعتنقوا الإسلام في عهد ابنه عثمان الذي ينتسب له العثمانيون.
هذا فضلًا عن أن نواة العثمانيين لم تكن كلها منتمية لذات العشيرة التي تذكر المصادر التاريخية أن عددها لم يكن ليتجاوز 4000 إنسان، وإنما تشكلت تلك النواة من عملية "ابتلاع وهضم" من عشيرة أرطغرل وعثمان للعشائر الأضعف التي ارتضت أن تنضوي تحت رايتها فضلاً عن عناصر بشرية بيزنطية وأرمنية كانت قد سخطت على جور الحكم البيزنطي وضرائبه الباهظة. ثم تحركت كرة الثلج لتصير العشيرة إمارة ثم سلطنة ثم امبراطورية. فكان من الضروري-كسُنة الدول غير ذات الأصل الرفيع-أن تبحث لنفسها عن "ميلاد مشرف" يليق بمكانتها الجديدة.
خاتمة
المتأمل في أصول العثمانيين والتُرك بشكل عام وحركتهم عبر التاريخ العربي الإسلامي يلاحظ تشابه نمطهم مع نمط أوروبي هو "النمط الجرماني"، فالجرمان كانوا قبائل بربرية همجية وثنية، تصادمت مع الإمبراطورية الرومانية، ثم تسللت إلى أجهزة الجيش والسلطة الرومانية حتى أسقطت تلك الإمبراطورية، ثم سرعان ما نسي ملوكها أصولهم فحملوا لقب "إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة" وصاروا يقدمون أنفسهم كحماة للدين المسيحي والحضارة الأوروبية كوسيلة لإضفاء الشرعية على حكمهم الذي قام على قانون القوة.
وهو نمط ينم عن مشكلة نفسية في الوجدان الجمعي لمن يمارسونه، فلكأنما يستشعرون نقصاً في شرعية حكمهم القائم على السلاح وليس على نشر الحضارة، فيحاولون إضفاء شرعية زائفة عليه باختلاف أسطورة تاريخية تخدمه لتغطي الفقر الحضاري لتلك الدولة قياسًا بدول تركية سابقة لم تسعى لاختلاق مثل هذا الأصل ربما لأنها كان لديها ما تقدمه بالفعل للمحتوى الحضاري الإسلامي.
وللأسف فإن مثل تلك الأساطير تجد من يتبناها ويروج لها، بينما هم في الأساس الضحية المصوب إليها هذا السلاح.