في الوقت الذي يستميت فيه عضو مجلس النواب الأميركي آدم شيف، ووراؤه زعيمة المجلس نانسي بيلوسي، ورفاقهما، في محاولة ثانية لعزل الرئيس دونالد ترامب، بعد فشل المحقق الخاص روبرت مولر في إثبات ما يدينه بقضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الماضية، سئل الأخير عن رأيه فيما يجري ضده في مجلس النواب، فأجاب بأن لديه قضايا أهم ليتابعها.
ولا يخفى على الديمقراطيين صعوبة عزل ترامب، لكنهم يأملون في أن يؤثر التشويش عليه ونبش ملفات مخالفاته، على حظوظه في معركة إعادة الانتخاب العام المقبل، أي أن هدفهم الرئيس ليس عزل ترمب بل هزيمته، لأنهم لا يتخيلون فوزه بأربع سنوات أخرى.
واستراتيجية "التشويش" التي ينتهجها الديمقراطيون ليست جديدة، ومن الممكن أن تكون ناجحة، لكن ليس في هذا الزمن الأميركي، حيث الانقسام الحزبي والأيدولوجي الحاد، وحيث "الشعبوية" التي صارت لها الكلمة العليا، وحيث الولاء المطلق للزعيم الذي انتظره جمهوره طويلا بعد فترة الساسة التقليديين.
خلال الأسابيع الماضية، تابعنا جولات ترامب في ولايات عدة مهمة، كان من ضمنها كنتاكي وميسيسيبي، وبدت المشاهد مذهلة، حيث الجمهور الذي يتقد حماسا، مما يذكرنا بمشاهد استقبال الزعماء التاريخيين.
وأعاد ذلك لذاكرتي تجمعات الزعيم السياسي الأميركي جورج والاس حاكم ولاية ألاباما، الذي ترشح للرئاسة في بداية سبعينات القرن الماضي، وكانت أجندته يمينية خالصة تعارض قانون المساواة بين السود والبيض، وانتهى به المطاف بإطلاق النار عليه، وانتهاء حلمه بدخول البيت الأبيض.
فالجمهور في مثل هذه الحالات يصعب أن يتخلى عن زعيمه المفضل بسبب هجوم الخصوم عليه، والخصوم هنا هم الديمقراطيون والإعلام اليساري المساند لهم، فالمسألة هنا تصبح مسألة ولاء للزعيم وللأيدولوجيا، وترامب يعلم ذلك جيدا ويراهن عليه، لأن جمهوره الذي كان مهمشا ووجد ضالّته فيه، لا يمكن أن يتخلى عنه مهما فعل خصومه.
والخلاصة هي أن الديمقراطيين يأملون في تشويه صورة ترامب، قبل الاستحقاق الرئاسي المقبل، دون أن يدركوا أنهم يستخدمون الاستراتيجية الخطأ في الزمن الخطأ، لأن ملاحقتهم لترامب بهذا الشكل الشرس قد يخدمه في نهاية المطاف!