وسط مشهد معقد في سوريا، تواجه روسيا تحديات عديدة للحفاظ على وجودها العسكري والسياسي في البلاد.

اتهامات استخباراتية وصراع نفوذ دولي

أشارت تقارير روسية نقلتها وكالة "رويترز" إلى اتهامات مباشرة لأجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية بالتخطيط لاستهداف القواعد العسكرية الروسية في سوريا. ووصفت روسيا هذه العمليات بـ"الاستفزازات" التي تهدف إلى تقليص نفوذها العسكري والسياسي في سوريا.

ووفق الأكاديمي والدبلوماسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف، فإن "القواعد الروسية ليست مجرد منشآت عسكرية، بل أدوات لتثبيت الاستقرار السياسي في سوريا ومنع تدخلات خارجية غير مرحب بها".

وتأتي هذه الاتهامات في إطار تنافس القوى الكبرى على إعادة تشكيل المشهد السوري، مع محاولات أميركية لتعزيز نفوذها في شمال شرق البلاد ودعم إنشاء كيان كردي، وهو ما تعتبره روسيا تهديدا مباشرا لاستراتيجيتها الإقليمية.

شراكة تحت الاختبار

رغم التعاون الوثيق بين روسيا والنظام السوري السابق، إلا أن القيادة الانتقالية الحالية تتعامل بحذر مع هذه العلاقة.

  • الاتفاقيات الأمنية: وصفت الحكومة السورية المؤقتة الاتفاقيات الأمنية التي أبرمها النظام السابق مع روسيا بأنها "غير عادلة"، مع تعهد بإعادة النظر فيها إذا لم تكن تخدم المصالح الوطنية.
  • الموقف الروسي: موسكو من جانبها تسعى لإضفاء شرعية مستدامة على وجودها العسكري في سوريا، حيث أكد مصدر روسي لوكالة "تاس" أن "القواعد الروسية في طرطوس واللاذقية جزء من مفاوضات موسكو مع الحكومة الجديدة، لضمان استمرار هذه الاتفاقيات رغم تغير النظام".

وشدد الخبير ماتوزوف خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، على أهمية هذا التعاون، موضحًا أن "الوجود الروسي في سوريا ليس موجهًا ضد الحكومة الجديدة، بل يمكن أن يشكل عامل استقرار وسط التحديات الإقليمية والدولية".

أخبار ذات صلة

لافروف: روسيا ستتخلى عن تعليق نشر صواريخ متوسطة المدى
العراق.. استئناف الرحلات الجوية إلى لبنان في هذا الموعد

النفوذ التركي والدور الإسرائيلي

مع تراجع النفوذ الروسي جزئيًا في بعض المناطق السورية، برزت تركيا كقوة إقليمية تسعى لتعزيز وجودها العسكري في الشمال.

  • التحركات التركية: أنقرة تخطط لعملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال شرق البلاد، وسط مساعٍ لتنسيق التحركات مع إسرائيل.
  • الموقف الروسي: موسكو تعمل على إقناع تركيا بضرورة احترام الحقوق الكردية بالتعاون مع الحكومة السورية، لكن هذا الموقف يتعارض مع الأهداف التركية الرامية إلى تقليص التهديدات الكردية.

من جهة أخرى، تدعم إسرائيل بحسب الأكاديمي والدبلوماسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف المشروع الأميركي لإنشاء دولة كردية، ما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي. ويمثل ذلك تهديدًا لكل من تركيا وروسيا على حد سواء، حيث إن "ثلث الأراضي التركية الشرقية يسكنها مواطنون من أصل كردي"، مما يجعل أنقرة شديدة الحساسية تجاه أي محاولة لتشكيل كيان كردي على حدودها.

خيارات موسكو لتأمين وجودها

في ظل هذه التحديات، تجد روسيا نفسها أمام خيارات محدودة لكنها حاسمة:

  • تعزيز الشرعية القانونية: ضمان استمرار الاتفاقيات العسكرية مع الحكومة السورية الجديدة، ما يضفي طابعًا قانونيًا طويل الأجل على وجودها العسكري.
  • التوازن الإقليمي: توسيع التعاون مع دول مثل تركيا وإيران لضمان عدم تحول سوريا إلى ساحة تصعيد جديدة.
  • العمل الدبلوماسي: تعزيز الحوار مع القيادة الانتقالية في دمشق وتقديم نفسها كضامن للاستقرار، وهو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوله: "روسيا مستعدة لدعم السوريين في إقامة حوار وطني شامل".