يشهد الشرق الأوسط حراكا إقليميا ودوليا متسارعا يسعى لضمان انتقال سياسي مستقر في سوريا، وهي دولة تواجه تحديات معقدة تشمل الصراعات العسكرية والانقسامات الداخلية.

هذا الحراك يتطلب جهودا مشتركة على الصعيدين العربي والدولي، ويأتي وسط مشهد تتباين فيه المصالح الإقليمية والدولية بشكل كبير.

يشير خبير العلاقات الدولية، مهند العزاوي، إلى أن المرحلة الانتقالية في سوريا حرجة للغاية بسبب ضعف القوات المسلحة السورية ووجود تهديدات إرهابية مستمرة.

حراك عربي لتأمين دفة التغيير في سوريا

وأكد خلال حديثه لغرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" على أهمية دور القوات الأميركية التي نفذت ضربات ضد تنظيم داعش، مما ساعد في كبح أنشطته الإرهابية.

ويرى العزاوي أن التنوع العرقي والديني والثقافي في سوريا يستلزم وضع خطة شاملة لتوحيد المكونات المختلفة.

كما شدد على ضرورة التدخل العربي لإعادة بناء الدولة السورية ووضع وثيقة سلوك تنظم عمل الجماعات المسلحة للحد من الصراعات على المناصب والمكاسب، مع أهمية وجود توافق سياسي يسهل عودة المهجرين وتحسين الاقتصاد، برعاية ضمانات أميركية بين القوى الفاعلة في سوريا.

من جانبه، أوضح رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والدبلوماسية في المنظمة الأوروبية للسياسات، ناصر زهير، أن القيادة الجديدة في سوريا يجب أن تمثل جميع السوريين.

وأكد خلال حديثه لغرفة الأخبار على ضرورة وجود مرجعية دولية تستند إلى قرارات الأمم المتحدة لتوجيه العملية السياسية.

واعتبر أن التعددية في الآراء والمواقف السورية تجعل من الصعب تحديد مستقبل البلاد دون دعم دولي وإقليمي.

وأشار إلى أهمية الملف الاقتصادي في المرحلة الانتقالية، حيث يمثل رفع العقوبات فرصة لإعادة الإعمار بدلاً من الاعتماد على التبرعات.

كما لفت زهير إلى التحسن في العلاقات التركية العربية، مما يجعل تركيا أكثر حذرا في اتخاذ مواقف قد تؤثر على الفوائد الاقتصادية والسياسية التي تحققها من هذا التقارب.

مباحثات تركية أميركية بشأن الانتقال السياسي في سوريا

الحراك العربي وتأثيره

أستاذ العلاقات الدولية، سمير صالحة، أشار إلى أهمية التحرك العربي المنسق تجاه سوريا، لكونها دولة محورية في العالم العربي. وأكد أن التحرك السريع ضروري في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، خاصة مع التقارب التركي العربي.

كما أوضح أن تقليص دور إيران في المشهد السوري يفتح المجال أمام الدول العربية للعب دور أكثر تأثيرا على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأضاف أن التحرك العربي يمكن أن يعزز الدعم الاقتصادي والسياسي لسوريا، مع التركيز على إعادة الإعمار.

من جهته، شدد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير هاني خلاف، على أهمية تقسيم العمل الجماعي العربي لمواجهة التحديات التي تواجه سوريا، خاصة التهديدات الإسرائيلية والتدمير الموجه للمؤسسات العسكرية السورية.

كما دعا إلى تنظيم عودة المهجرين وتوحيد الصفوف الشعبية، مشيرا إلى دور المنظمات الشعبية في نقل المتطلبات التنموية الضرورية.

وأكد أن توفير الأموال والخبرات الفنية من خلال هذه المنظمات سيكون أساسيا لدعم الشعب السوري. كما نوه إلى السعي لتشكيل طاولة ثلاثية تضم روسيا وتركيا والولايات المتحدة، مع احتمال مشاركة عواصم عربية، لتعزيز الحلول الإقليمية والدولية.

ووسط هذه الجهود، هناك تحديات كبيرة تواجه تحقيق الاستقرار في سوريا، أبرزها التوازنات الإقليمية والتدخلات الخارجية.

ومع ذلك، يبدي المراقبون تفاؤلا حذرا بسبب الحراك الشعبي في الداخل السوري والتقارب العربي، مما قد يسهم في دفع مسار الانتقال السياسي نحو الأمام.

كما يبدو أن هناك إدراكا متزايدا بأهمية التعاون العربي والدولي لإعادة بناء سوريا وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، مما يتطلب توافقًا أكبر بين مختلف الأطراف المعنية بمستقبل البلاد.