شهدت التطورات الأخيرة في لبنان خطوة هامة تمثلت في توقيع اتفاق هدنة بين إسرائيل وحزب الله، بضمانات أميركية ودولية.
الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء التصعيد على الحدود الجنوبية للبنان يثير تساؤلات عميقة حول مستقبله، ومدى تأثير هذه الضمانات على سيادة الدولة اللبنانية ودور القوى الإقليمية في المشهد السياسي.
الظهيرة على سكاي نيوز عربية، ناقش هذه التطورات مع الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل، والباحث في الشؤون السياسية والقانونية، مجد حرب.
الدور الأميركي.. استقرار أم تدخل؟
استهل النقاش بتسليط الضوء على الدور الأميركي في ضمان الالتزام بالهدنة، وتم التساؤل عن مدى تأثير هذا الدور على الاستقرار الداخلي في لبنان.
رضوان عقيل أكد أن الدور الأميركي يهدف إلى تحقيق استقرار مرحلي، لكنه أشار إلى أن بعض بنود الاتفاق قد تثير مخاوف بشأن المساس بالسيادة اللبنانية.
وقال: "لا يمكن النظر إلى هذه الضمانات بمعزل عن المصالح الأميركية في المنطقة، فالولايات المتحدة تضع نفسها كوسيط دولي، لكنها في الوقت ذاته تُعزز نفوذها على حساب القوى الإقليمية الأخرى".
في المقابل، أشار مجد حرب إلى أن هذه الضمانات تمثل ضغطًا دوليًا على الأطراف المتصارعة، مضيفًا: "أي اتفاق يُبعد لبنان عن دائرة الحرب هو خطوة إيجابية. لكن لا يمكننا تجاهل أن بعض الأطراف الداخلية قد تستغل هذا الاتفاق لتعزيز أجنداتها السياسية".
حزب الله بين الانتصار والتراجع
ناقشت الحلقة الموقف الداخلي لحزب الله في ظل هذه التطورات، وهل يمكن اعتبار الاتفاق انتصارًا أم مؤشرًا على تراجع نفوذه.
وشدد مجد حرب على أن الاتفاق يُظهر ضعفًا واضحًا لدى الحزب بعد خسائره الميدانية.
وقال: "حزب الله يواجه تحديات غير مسبوقة، سواء من الداخل اللبناني أو من المجتمع الدولي، فالاتفاق يعكس رضوخه لضغوط كبيرة، لكن هذا لا يعني انتهاء دوره كقوة فاعلة في المعادلة السياسية والعسكرية".
أما رضوان عقيل فكان له رأي مختلف، حيث أكد أن الحزب لا يزال يحتفظ بقوته على الأرض، مشيرًا إلى أن الاتفاق يمثل خطوة للحفاظ على التوازن القائم.
وقال: "لا يمكن إغفال حقيقة أن حزب الله ما زال قادرًا على فرض شروطه في أي مفاوضات مستقبلية. ولكن من الواضح أن هناك تحولات في استراتيجيته بعد هذا الاتفاق".
الدور الإقليمي وتأثير إيران
تطرق النقاش إلى تأثير الاتفاق على النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة، حيث أشار عقيل إلى أن إيران ستكون مراقبة لتداعيات الاتفاق، مؤكدًا أن الضمانات الأميركية قد تعرقل مساعي طهران لتعزيز وجودها العسكري والسياسي في لبنان.
وقال: "النفوذ الإيراني في لبنان يرتبط بشكل مباشر بحزب الله. إذا تمكنت الولايات المتحدة من تثبيت الهدنة وتقييد حركة الحزب، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع التأثير الإيراني".
بينما اعتبر مجد حرب أن الاتفاق قد يكون فرصة لإعادة تقييم الدور الإيراني في لبنان، وقال: "إيران كانت تراهن على استخدام لبنان كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب. لكن الاتفاق يُظهر أن المجتمع الدولي يسعى للحد من هذا النفوذ تدريجيًا".
انعكاسات الاتفاق على الداخل اللبناني
اختتم النقاش بالحديث عن تأثير الاتفاق على المشهد السياسي اللبناني، خصوصًا مع اقتراب موعد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مجد حرب أشار إلى أن الاتفاق قد يساعد في تخفيف التوترات السياسية، لكنه نبه إلى أن أي تسوية لا تشمل جميع الأطراف لن تكون مستدامة.
وقال: "انتخاب رئيس جديد يجب أن يتم بالتوافق بين جميع القوى السياسية. أي محاولة لفرض مرشح معين قد تؤدي إلى تعقيد المشهد أكثر".
فيما أكد رضوان عقيل أن لبنان بحاجة إلى استغلال هذه الهدنة لإعادة ترتيب أولوياته السياسية والاقتصادية.
وقال: "المجتمع الدولي ينظر إلى لبنان كدولة تحتاج إلى استقرار سياسي طويل الأمد. يجب أن نغتنم هذه الفرصة للعمل على إصلاحات جذرية تعيد الثقة بالمؤسسات".
الضمانات فرصة قد تتحول إلى نقمة
الجدير بالذكر أن ضمانات التهدئة الأميركية تمثل فرصة مهمة للبنان للخروج من دائرة الحرب، لكن هذه الفرصة قد تتحول إلى نقمة إذا لم يتم استثمارها في تعزيز السيادة الوطنية وتحقيق توافق داخلي بين الأطراف المتصارعة.