على الرغم من حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلا أن العام 2024 كان عاماً من التطور السريع للذكاء الاصطناعي، وهو الموضوع الذي ظل في طليعة مناقشات استراتيجيات مجالس الإدارة، وكذلك الأمن السيبراني والحوسبة السحابية والروبوتات وغيرها.
ولكن مع وجود العديد من السبل المتنافسة للابتكار، فإن صناع القرار في مجال التكنولوجيا لديهم الكثير ليفكروا فيه.
وبينما يظل الذكاء الاصطناعي هو الاتجاه التكنولوجي الأكثر رواجاً، يحدد تقرير لمنصة verdict، خمسة اتجاهات أساسية للتكنولوجيا تسيطر على توقعات العام المقبل، وهي كالتالي:
- الذكاء الاصطناعي:
- وفقًا لتقديرات شركة الأبحاث والتحليل GlobalData، ستتجاوز قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العالمية تريليون دولار بحلول عام 2030.
- ظل الذكاء الاصطناعي هو الاتجاه التكنولوجي الأكثر حضوراً في العام 2024 وسيستمر في جذب الاستثمار والتركيز طوال العام المقبل على الرغم من التحديات التي تشمل الطلب المتزايد على مراكز البيانات وزيادة تكاليف الأجهزة والتوافر المحدود لوحدات معالجة الرسوميات.
- الحوسبة السحابية:
- وفقاً لتوقعات GlobalData، ستنمو سوق الحوسبة السحابية العالمية بنسبة 14.3 بالمئة من 821 مليار دولار في العام 2024 إلى 939 مليار دولار في العام 2025.
- من المتوقع أن تولد البرمجيات كخدمة 40.9 بالمئة من إجمالي إيرادات السوق في عام 2025، في حين ستسهم البنية التحتية كخدمة IaaS والمنصة كخدمة PaaS بنسبة 12.5 بالمئة لكل منهما.
- الأمن السيبراني
- بحسب الشركة ذاتها، ستبلغ قيمة سوق الأمن السيبراني 208.5 مليار دولار في عام 2025، بزيادة 10 بالمئة عن 188.8 مليار دولار في عام 2024.
- ستزداد الهجمات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تعقيداً مع احتمال استخدام مجموعات القرصنة لنماذج لغوية كبيرة (LLMs) مدربة على البرامج الضارة لاستهداف هجماتها بشكل أكثر فعالية.
- تكنولوجيا المناخ:
- إن الحاجة إلى قوة حوسبة أكبر ومتطلبات الإبلاغ الإلزامي عن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من شأنها أن تدفع النمو في صناعة التكنولوجيا المناخية.
- وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يزيد الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات وحدها بنسبة تصل إلى 160 بالمئة ليصل إلى 623 تيراواط ساعة بحلول عام 2030. وهذا من شأنه أن يدفع شركات التكنولوجيا الكبرى نحو حلول الطاقة النووية.
- الروبوتات:
- تشهد صناعة الروبوتات "انفجاراً" مع التقاء عدد من العوامل، بما في ذلك التطور السريع للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
- من المتوقع أن تنمو صناعة الروبوتات العالمية من 76 مليار دولار في عام 2023 إلى 218 مليار دولار في عام 2030 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14 بالمئة بين عامي 2023 و2030.
- إن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية يدفع إلى تبني الروبوتات المستقلة، وهو أمر أساسي لنمو سوق الروبوتات الخدمية.
اتجاهات متنوعة
من جانبه، أكد خبير أسواق المال، العضو المنتدب لشركة "أي دي تي" للاستشارات والنظم التكنولوجية، المهندس محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقصاد سكاي نيوز عربية" أن العام 2025 سيكون محورياً في تطور العديد من الاتجاهات التكنولوجية التي ستؤثر بشكل كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
من بين تلك الاتجاهات، أشار إلى أهمية الوكلاء الرقميين، الذين يمثلون أحد أبرز الاتجاهات الفرعية في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ شهدت هذه التقنية تطوراً كبيراً منذ منتصف العام 2023، وأصبحت تقدم حلولاً عملية لتحل محل الإنسان في أداء العديد من المهام اليومية والوظيفية بشكل مستقل.
الوكلاء الرقميون يسهمون بشكل كبير في أتمتة العمليات وزيادة الإنتاجية ورفع كفاءة الأعمال، كما بدأت تُستخدم كفرق متكاملة لأداء مهام معقدة كانت تتطلب شركات بأكملها.
بحسب سعيد، فإن الاتجاهات الأخرى المهمة تشمل أيضاً:
- رؤية الكمبيوتر أو الرؤية الحاسبوية: تكنولوجيا تشهد نمواً كبيراً، خاصة في مجالات التشخيص الطبي، والقيادة الذاتية للسيارات، وتطبيقات الأمن.
- معالجة اللغات الطبيعية: تمثل تقدماً مذهلاً في قدرة الأنظمة الذكية على فهم اللغات البشرية وتحليلها.
- تكنولوجيا البلوك تشين: امتدت لتشمل تطبيقات في توثيق الشهادات، إدارة سلاسل الإمداد، والتطبيقات اللامركزية.
- الأمن السيبراني: مع تزايد اعتماد التكنولوجيا في القطاعات الحيوية، يزداد الطلب على تقنيات مبتكرة لحماية البيانات والشبكات، ما يجعل الأمن السيبراني محورًا للاستثمار المكثف.
- الحوسبة الكمومية: يتوقع أن تحدث ثورة كبيرة في الحوسبة خلال العقد المقبل، حيث تقدم قدرات مضاعفة آلاف المرات مقارنة بأجهزة الكمبيوتر التقليدية.
- تكنولوجيا الميتافيرس: على الرغم من التراجع الأخير بسبب التركيز على الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تعود هذه التقنية للواجهة بفضل الابتكارات المرتبطة بها.
- التكنولوجيا العصبية: تمثل بداية عهد جديد في دمج التكنولوجيا مع الوظائف البيولوجية للإنسان، مما يفتح آفاقًا جديدة في الطب وتقنيات إعادة التأهيل.
وأضاف: العام 2025 سيكون حافلاً بالتطورات التكنولوجية المتسارعة، والتي ستعيد تشكيل مختلف القطاعات. ويظل الذكاء الاصطناعي، بفضل تعدد تطبيقاته، المحور الأساسي لهذه التغيرات، مع أهمية متابعة تطورات التكنولوجيا الأخرى مثل الأمن السيبراني، البلوك تشين، والحوسبة الكمومية.
اتجاهات السوق
في هذا السياق، سلط تقرير نشره موقع "بيزنس انسايدر" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، الضوء على مجموعة من أبرز الاتجاهات التكنولوجية التي يجب مراقبتها في العام 2025 في تقدير مجموعة من الخبراء والمختصين.
يمكن اختصار أبرز تلك الاتجاهات في مجموعة من المحاور الرئيسية. فمن بين تلك الاتجاهات ما يتعلق بازدياد الشركات الناجحة في مجال التطبيقات، حيث يُتوقع أن تحقق العديد من الشركات عائدات سنوية تتجاوز 50 مليون دولار (ومنها من سيصل إلى 100 مليون)، مستفيدة من معدلات نمو عالية.
كما أوضح التقرير أن انخفاض تكلفة الحوسبة يعزز تطور التطبيقات المبتكرة، مما يفتح المجال أمام إبداعات جديدة.
وفي سياق مختلف، تطرّق التقرير إلى انتعاش سوق الاكتتابات العامة بالقطاع، مشيراً إلى فتح السوق أمام الشركات ذات الأداء القوي والملامح المالية المستقرة، مع استمرار وجود معايير مرتفعة للشركات الراغبة في الإدراج.
هذا الانتعاش يأتي في ظل معايير صارمة تهدف إلى تحسين جودة الشركات المدرجة.
بالإضافة إلى ذلك، عاد التقرير للحديث عن العملات المشفرة، حيث أوضح أن إدارة جديدة صديقة للعملات الرقمية في الولايات المتحدة تسهم في تسريع نماذج الأعمال القائمة عليها. كما توقع موجة جديدة من الاهتمام بالعملات المستقرة والابتكار في هذا المجال، ما يعكس تحولاً لافتاً في طريقة تعامل الأسواق مع هذا القطاع.
وفيما يتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ركّز التقرير على أنظمة الـ AI القادرة على اتخاذ قرارات معقدة وتحسين الأعمال.
كما أبرز التقدم في بناء وكلاء رقميين قادرين على تنفيذ مهام محددة بكفاءة، ما يعكس تطوراً نوعياً في هذا المجال.
أما في قطاع الروبوتات والقيادة الذاتية، فقد سلط التقرير الضوء على استخدام الروبوتاكسي في المدن المزدحمة مثل سان فرانسيسكو، وتوظيف الأساطيل الذاتية في بيئات محددة مثل الحرم الجامعي والصناعات الثقيلة، مما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية لهذه البيئات.
وعلى صعيد صفقات الاستحواذ، توقع التقرير عودة نشاط الاستحواذ للشركات التكنولوجية الكبرى، مدفوعاً بتغيير الإدارة وتنظيماتها.
وأشار إلى انتعاش قطاع التكنولوجيا المالية، حيث يسهم تطوير التشريعات في تسريع الابتكار وظهور أدوات مالية شخصية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وفي مجال البرمجيات، أوضح التقرير أن تطور البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يوفّر حلولاً مخصصة للصناعات المختلفة. كما شدد على أهمية الأتمتة الذكية في تحسين العمليات وزيادة الكفاءة.
طفرات تقنية
المستشار الأكاديمي بجامعة ولاية سان خوسيه الأميركية وخبير تكنولوجيا المعلومات، الدكتور أحمد بانافع، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن العام 2025 سيشهد طفرة تقنية كبيرة ستغيّر معالم القطاعات المختلفة حول العالم. وأشار إلى أبرز الاتجاهات التقنية المتوقعة التي ستشكل مستقبل الصناعة والاقتصاد، تأتي على النحو التالي:
الوكلاء الرقميون المتقدمون: ستشهد الأنظمة الذكية مثل المساعدين الافتراضيين تطوراً ملحوظاً، حيث ستكون قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة وفعالة. هذه التقنية ستلعب دوراً محورياً في التعليم والصحة وإدارة الحياة اليومية.
نهضة العملات المشفرة:
يتوقع أن تفرض العملات الرقمية قوتها، مع تطبيقات عملية تشمل العقود الذكية وأنظمة المدفوعات العالمية، بدعم متزايد من المؤسسات المالية الكبرى.
زيادة الاستثمارات التقنية:
ستتدفق الاستثمارات على شركات التكنولوجيا الناشئة، مما سيفتح المجال لابتكارات جديدة في مجالات الحوسبة السحابية، والبرمجيات كخدمة SaaS.
الذكاء الاصطناعي التوليدي:
سيصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي محورياً في المجالات الإبداعية، مثل التصميم وصناعة المحتوى، إلى جانب تعزيز إنتاجية الأعمال بشكل كبير.
التكنولوجيا المستدامة:
سيحظى الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة والزراعة الذكية وتقنيات الكربون باهتمام متزايد، مع تزايد الضغوط لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية.
انتشار تقنيات الواقع الممتد:
بفضل انخفاض التكاليف وزيادة القدرات، ستنتشر تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في التعليم، التدريب، والتسوق الإلكتروني، مما سيخلق تجارب أكثر تفاعلية.
الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي الطبي:
سيسهم الذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في قطاع الصحة من خلال التشخيص المبكر، وتحليل البيانات الصحية، واستخدام الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة الحالة الصحية.
تعزيز الأمن السيبراني والخصوصية الرقمية:
مع تصاعد التهديدات السيبرانية، سيتم تطوير حلول مبتكرة لحماية البيانات، تشمل أنظمة الهوية الرقمية اللامركزية، مما يعزز خصوصية المستخدمين.
تقنيات الجيل السادس :
من المتوقع بدء اختبار تقنيات الجيل السادس للاتصالات، مما سيتيح سرعات خارقة ودعم المدن الذكية وإنترنت الأشياء.
الأنظمة المستقلة والروبوتات:
ستدخل الروبوتات المستقلة مجالات الزراعة، الصناعة، والخدمات اللوجستية، لتوفير الكفاءة وتقليل التكاليف. كما ستشهد وسائل النقل الذاتي تقدماً كبيرًا.
وأكد الدكتور بانافع أن العام 2025 سيحمل فرصا غير مسبوقه للشركات والمستثمرين مع وعود بمستقبل أكثر ذكاء واستدامه وهذه التطورات ستعيد تشكيل المشهد التقني العالمي مما يفتح افاقا جديدا للنمو والابتكار.