نشرت وكالة "رويترز" تحليلا، كتبه كبير مراسليها في المنطقة ويليام ماكلين، عن برهنة العسكرية الإماراتية على مكانتها في المنطقة من خلال مشاركتها في الحرب على الإرهاب في اليمن، مشيرا إلى تصميم الجيش الإماراتي، رغم المخاطر الكبيرة، على الاستمرار في مكافحة الإرهاب ضمن التحالف مع الدول الصديقة.
وقال التقرير إن عمليات الجيش الإماراتي في محاربة تنظيم القاعدة في اليمن تعد "مثالا نموذجيا لمكافحة الإرهاب في العالم العربي يحتاج الكل إليه بشدة الآن".
وأضاف "تقوم القوات الخاصة الإماراتية بتنسيق وقيادة عمليات استهداف عناصر القاعدة في المناطقة النائية والجبلية، ما يضيف زخما للقوات اليمنية وقوات عربية وأميركية تمرست في مناطق حرب مثل أفغانستان والصومال".
ورغم التحديات، التي يمثلها هجوم يوم الاثنين في المكلا، الذي أسفر عن مقتل 38 شخصا، تواصل القوات الإماراتية وحلفاؤها العمل في تطهير المنطقة في أعقاب تحرير المكلا في أبريل.
وذلك على الرغم من أن القوات الإماراتية دخلت اليمن في البداية ضمن تحالف تقوده السعودية لمحاربة التمرد الحوثي الذي تعتبره دول الخليج امتدادا للنفوذ الإيراني في المنطقة.
ومع أن حرب التحالف أضعفت الحوثيين، إلا أن تنظيم القاعدة استغل الوضع للتوسع في شرق اليمن، وبدأ يحصل على الملايين من إدارته لميناء المكلا.
وجاء التحرك العسكري الإماراتي ملبيا لدعوات سابقة بأن يتولى العرب محاربة الإرهاب بأنفسهم، دون اعتماد على واشنطن، كما يخلص تقرير "رويترز".
ويوضح التقرير أنه رغم فشل ما تسمى "عقيدة أوباما" في الاعتماد على القوى المحلية لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا، فإن النموذج الإماراتي في اليمن قد يكون مبعث تفاؤل.
ويقول كاتب التقرير إن العمليات الإماراتية تزيد من فاعلية الحملة على أكثر تنظيمات القاعدة نشاطا، وهو "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
وتقوم القوات الإماراتية، بالتعاون مع الأميركيين، بتدريب وتجهيز القوات اليمنية لتلك الحملة، مؤكدة قدرتها على الاستمرار في صراع قد يطول ضد الجماعات الإرهابية حتى بعد حل مشكلة الحوثيين.
وأثارت قدرة القوات الإماراتية على القيام بعمليات جوية وبحرية وبرية منسقة، وإنزال القوات سرا وتحمل خسائر، إعجاب الدول الغربية التي كانت محبطة من قدرة القوات اليمنية على مساعدتها في محاربة الإرهاب.
وقال رئيس الأركان الأميركي السابق الجنرال المتقاعد أنتوني زيني لرويترز إن في الإمارات "أقوى جيش" في المنطقة وأن قدراتها العسكرية "أكبر بكثير مما قد يبدو من حجمها".
وأضاف: "لقد أثبتوا القدرة على الاستمرار رغم الخسائر، وأثبتت الإمارات استعدادها للقتال إلى جانب حلفائها".
ورغم أن القاعدة ادعت أنها انسحبت، إلا أن مصادر التحالف أكدت لرويترز أنها منيت بخسائر فادحة في المعركة التي برزت فيها القوات الإماراتية مع حلفائها، وبدعم استخباراتي أميركي. والحقيقة أن القاعدة خسرت 450 قتيلا من عناصرها، فيما كانت خسائر التحالف 54 من القوات اليمنية.
وقال أحد خبراء مكافحة الإرهاب الأميركيين لرويترز: "إنهم (القوات الإماراتية) أقدر قوة لمكافحة الإرهاب في اليمن"، مضيفا أن البعض في الحكومة الأميركية لم يكن يصدق في البداية جدية وقدرة الإمارات على مكافحة الإرهاب بهذا الشكل، لكن "عملية المكلا أثبتت أنهم على خطأ".
ويذكر تقرير "رويترز" المخاطر التي تواجهها الإمارات، وإن كانت لا تثنيها عن عزمها خوض المعركة ضد الإرهاب.
ومن تلك الصعوبات تعقيد التركيبة القبلية في جنوب وشرق اليمن، وما على الضباط والجنود الإماراتيين أن يلتزموه من حذر في التعامل مع العناصر المحلية.
ويضيف التقرير أنه رغم ذلك، فإن أبو ظبي مصممة على "مواجهة التحديات لحماية المنطقة كلها مستفيدة من تراثها الذي يمكنها من نسج علاقاتها مع قبائل المنطقة".
وكان نائب مدير المخابرات المركزية الأميركية، مايكل موريل، كتب في مقال له في دورية "بوليتيكو" أن العملية الإماراتية في المكلا "بمثابة درس نموذجي لحل معضلة التعامل مع جماعات إرهابية تسيطر على مناطق".