توفيت المعمارية العراقية الشهيرة، زها حديد، صاحبة التصاميم الانسيابية الغريبة والمغرقة في الخيال الحر أحياناً، عن عمر 66 عاما.
شقت حديد طريقها إلى العالمية متغلبة على كل المصاعب والتحديات التي واجهتها في بيئة ذكورية، لكنها تفوقت بإبداعها وفنها في هذا الوسط الذي يربط بين الجمالية والهندسة والأرقام والمعادلات الحسابية، فنالت شهرة عالمية فيه.
إنها المعمارية زها حديد، القادمة من الشرق وأذهلت العالم بتصاميمها الخارجة عن المألوف والقريبة إلى الخيال، حيث تركت بصمتها على معمار حواضر أوروبا والعالم.
ولدت المعمارية زها حديد في بغداد عام 1950، وأنهت دراستها الثانوية في بغداد، ومن ثم حصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971. كما درست العمارة في الجمعية المعمارية في لندن وحصلت على شهادتها في 1977.
تصاميم بين الواقع والخيال
لطالما شكلت أعمال حديد جزءا من المعارض الدائمة في متحف الفن الحديث في نيويورك ومتحف العمارة الألمانية في فرانكفورت.
وتنسب أعمال المعمارية العراقية، التي تعمل حاليا أستاذة في جامعة الفنون التطبيقية بفيينا، إلى العمارة التفكيكية أو التهديمية، وهو اتجاه يعتمد على التفكيك والتعقيد الهندسي ويكتسب جاذبية خاصة كونه ينقل الإنسان من عالم الواقع إلى عالم المباني الطائرة أو الفضاء.
لمساتها الغريبة والخيال المغرق في الحرية والحداثة وخروجها عن الكلاسيكية والمألوف تتجلى بوضوح في مبانيها الشهيرة المنتشرة حول العالم، فتصاميمها انسيابية لا تعرف زوايا أو حدود.
وغالباً ما تكون تصاميم زها حديد باهظة التكاليف وتتطلب وقتاً أطول من المخطط له مسبقاً، الأمر الذي دعا رئيس الوزراء الياباني لإلغاء مشروع الإستاد الوطني الجديد في اليابان بعد أن كان هذا التصميم من الأسباب الرئيسية لمنح بلاده شرف تنظيم الأولمبياد عام 2020.
لكن هامبورغ الألمانية نالت أحد تصاميم المعمارية العراقية، وأعلنت بفخر انتهاء مرحلة البناء الأولى لمتنزه تابع لمرفئها قبل شهرين من الوقت المخطط له. غير أن هذا التصميم جاء أقل تعقيداً مقارنة بتصميم الإستاد في اليابان، ما انعكس بالتالي على تكاليف إنشائه. ولعل التفرد الذي تتمتع به تصاميمها، يكمن في أحد أقوالها المشهورة "هناك 360 درجة لماذا نتقيد بواحدة فقط".
بصمات عالمية
تعد محطة إطفائية فيترا في مدينة فايل أم راين الواقعة بولاية بادن- فرتمبيرغ الألمانية أولى الأعمال التي أنجزتها زها حديد وساهمت في شهرتها العالمية.
وفي مدينة سينسيناتي الواقعة بولاية أوهايو الأميركية قامت بتصميم مركز روزنتال للفن المعاصر وهو أول بناء المهندسة العراقية في أمريكا.
انتقادات وتحديات
لكن من جانب آخر، أُثيرت انتقادات لتصاميم زها حديد بعد سنوات من حملة وصفتها بـ"مهندسة قرطاس" لصعوبة تنفيذ تصاميمها، واليوم يرى المنتقدون بأن أبنيتها خارج إطار الإحساس بالمكان، وأن تصاميمها لافتة للنظر على الماكيت "المخطط" فقط، وتعاني من عدم الانسجام مع روح المدن التي ينبغي أن تنتمي إليها.
ويؤكد بعضهم الآخر أن هذه التصميمات تطغى عليها حالة من الصرامة. لكن ومما لاشك فيه أن نجاح تصاميمها والجوائز والنجاحات المتلاحقة التي حققتها تؤكد أن مقولة "مهندسة قرطاس" ليس سوى ادعاء كاذب من معماريين يعيشون مع الماضي، لأن كل ما وضعته على شاشة حاسوبها من تصاميم استطاع الآخرون تنفيذه.