رغم أن تصريحات السفير السعودي في العراق، ثامر السبهان، بشأن ميليشيا الحشد الشعبي لم تخرج عن سياق اللياقة الدبلوماسية إلا أنها كانت صدى لما كان يردده مسؤولون عراقيون كبار وما يتداوله الساسة العراقيون داخل الأروقة الرسمية، بالإضافة إلى حديث لوسائل الإعلام العراقية.
فقد أكدت تصريحات متكررة للمرجع الشيعي الأكبر في العراق علي السيستاني في خطابات عدة إضافة إلى تصريحات لرجل الدين مقتدى الصدر أيضا حول خطورة تلك الميليشيا، كما أن ميليشيا الحشد وانتهاكاته المتكررة هي الحديث الدائر بين عدد من السياسيين والمسؤولين في السلطة العراقية.
كما أن ما قاله السبهان كان تساؤلا ورأيا اصطبغ بما يجري في الواقع في العراق وردا على سؤال جاء في مقابلة في إحدى برامج القنوات التلفزيونية العراقية بشأن ميليشيا الحشد الشعبي وتكرارا لما تردد رسميا في الأوساط العراقية حول تغيير ديمغرافي شاب مناطق في العراق ومنها منطقة المقدادية.
فلم يستشعر السفير السعودي بخطر الحشد الشعبي وحده، إذ جاءت إدانة انتهاكات الحشد ضد السنة ليس من الخارج والأمم المتحدة فحسب، بل من الداخل العراقي نفسه.
فمفتي الديار العراقية، رافع طه الرفاعي، طالب المرجعيات الشيعية في البلاد إلى إصدار فتوى بحل ميليشيات الحشد الشعبي بسبب ارتكابها "مجازر طائفية ضد السنة في ديالى العراقية.
كما بحثت قوى سياسية سنية رفع مطالبات للمؤسسات الدولية للتحقيق في انتهاكات الميليشيات الشيعية في ديالى، إذ دان المبعوث الخاص للأمم المتحدة الانتهاكات في المقدادية، واتهم منفذيها بمحاولة الزج بالبلاد في "فتنة طائفية".
لكن مراقبين ربطوا الحملة الحالية بالحرج، الذي تشعر به طهران من عودة الدبلوماسية السعودية إلى النشاط في بغداد، وذلك لأن إيران تحرص على اللعب منفردة في الساحة العراقية من خلال أذرعها في بغداد الذين يتولون اقتناص الفرص لتحقيق معادلة اللاعب المنفرد في المشهد العراقي.
وقال السبهان خلال المقابلة إن تحرير المناطق العراقية أمر منوط بالدولة مع وجود تحالفات دولية قادرة على مواجهة التطرف والجماعات الإرهابية في العراق متسائلا عن سبب رفض الأكراد للحشد رغم أن الأكراد أحد أهم المكونات الرئيسية جغرافيا وديمغرافيا وسياسيا في المنظومة العراقية.
وحذر السفير السعودي من خطورة ما يجري في العراق بالقول: "أعتقد أن ما يحدث للعراق وفي العراق لن يقف كخطر على العراق فقط، بل ستتعدى إلى جميع الدول المحيطة وأن ما يحدث في العراق هو اختلاف سياسي وأجندات سياسية قد تكون خارجية وأريد استغلال العامل الطائفي في تزكيتها أو إعطائها روحا أخرى وبعدا آخر وتهديد للمنطقة".
وكان وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد، قد أشار في تغريدة له على موقعه الرسمي على تويتر تطالب بحل تلك الميليشيا بالقول: "اللي دعا للحشد لازم يفتي بحله و يفك أهل العراق منه ..".
وتسائل الوزير البحريني عن الفرق بين الحشد وداعش في تغريدة أخرى له حول النهج في قتل الأبرياء العزل في منطقة المقدادية: "حشد البوق و القتل يستهدف الأبرياء العزل في المقدادية و يفجر المساجد . شالفرق بينكم و بين داعش يا إرهابيين ؟"
كما أثارت تصريحات السبهان غضب المليشيات الشيعية الموالية لإيران، على رأسهم المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي الشيعي النائب أحمد الأسدي الذي وصل به الأمر إلى المطالبة بطرد السفير السعودي في بغداد ومعاقبته، رغم أن ما قاله السبهان هو نفس ما ردده قبل أقل من أسبوع المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني وقبله الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن خالد الساعدي عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي القول إن قضية "التدخل في الحشد الشعبي، والحديث عن المقدادية أو عن قضايا أخرى، أمر ليس من شأنه ." بالإشارة إلى السبهان.
من جهته، استهجن تحالف القوى العراقية في البرلمان والحكومة ما أسماه بالحملة المعدة سلفاً ضد السفير السعودي، معتبرا أن تصريحاته كانت طبيعية جداً وتحمل نوايا طيبة تجاه العراقيين بلا تمييز، متهما التحالف شخصيات محسوبة على إيران بمحاولة تهديد السفارة السعودية في بغداد أمنياً منذ فتحها وممارسة التضييق ضدها.