تبذل إيران جهودا كبير من أجل حليفها الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تدعمه بالمال والعتاد والرجال، لكنها برغم كل مساعيها، تعاني من "تساقط رجالها" في ميادين القتال، كما أنها لم تتمكن من السيطرة على مناطق على الأرض، باستثناء مناطق قامت الطائرات الروسية بقصفها "بعنف".
ورغم أن دعم المجهود الحربي الذي تقدمه إيران لسوريا، من المال والعتاد، يؤثر على الاقتصاد الإيراني بشكل، سلبي، فإن الخسائر البشرية يبدو تأثيرها أكبر، حيث تخسر إيران بمعدل قتيل يوميا، على الأقل منذ بداية أكتوبر الماضي.
وربما الأهم من ذلك هو أن الخسائر البشرية تشمل عناصر من كافة الرتب العسكرية تقريبا، أي من الأفراد ذوي الرتب المتدنية صعودا إلى الضباط، وانتهاء بالجنرالات.
على الصعيد المادي، أفادت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة أن إيران تنفق ما لا يقل عن 6 مليارات دولار سنويا لدعم حكومة الأسد.
إيران تحشد 10 آلاف في سوريا
على صعيد الدعم اللوجستي، ظل هذا الدعم محدودا إلى أن سقطت إدلب بيد المعارضة المسلحة إثر هجوم في النصف الأول من 2015.
وفي ذلك الحين، عقدت محادثات على مستوى عال بين موسكو وطهران، تم الاتفاق خلاله على خطة عسكرية منسقة في سوريا، تضمنت هجوما بريا واسع النطاق بغطاء جوي روسي.
ولهذه الغايات، وحتى قبل ذلك، دفعت إيران بأعداد كبيرة من جنودها ومن الحرس الثوري، إلى جانب مسلحين من المهاجرين الأفغان والباكستانيين الذين انضموا للحرس الثوري الإيراني مقابل حوافز مادية ووعود بالتجنيس، بحيث قدر عديد القوات التي زجت بها إيران للقتال لصالح الأسد بحوالي 10 آلاف جندي ومقاتل.
ولعل الهجوم البري الأخير واسع الناطق في محافظة إدلب هو ما يفسر الزيادة الكبيرة في عدد القتلى الإيرانيين في الفترة الأخيرة.
200 قتيل إيراني
فمنذ مطلع 2013 إلى الآن، قتل نحو 600 مسلح من الميليشيات الإيرانية والموالية لها في سوريا، نحو 200 منهم إيرانيون، ومعظمهم ضباط.
أما القتلى الباقون فهم من أفراد الميليشيات الأفغانية والباكستانية الذين يقاتلون في لواء يسمى "فاطميون"، الذي يعد حاليا ثاني أكبر قوة عسكرية أجنبية تقاتل في صف الحكومة السورية، بعد حزب الله اللبناني.
الملاحظ أن معظم القتلى سقطوا غربي سوريا، وتحديدا في حلب واللاذقية شمالا ومن حمص إلى دمشق والسويداء جنوبا.
أما أبرز الضباط والجنرالات الذين قتلوا في المعارك في سوريا، فهو الجنرال، عباس عبد إلهي، أحد قادة كتائب الحرس الثوري. وقتل في اشتباكات مع المعارضة في فبراير الماضي.
كذلك قتل قائد كتيبة "الإمام الحسين" أحمد حياري، وذلك خلال مواجهات مع المعارضة المسلحة في اللاذقية في أغسطس الماضي.
غير أن مقتل القائد في الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين همداني شكل ضربة قوية لطهران، حيث أنه كان، إلى جانب قاسم سليماني، يدير تدخل بلاده في سوريا.
وقد قتل في حلب في شهر أكتوبر الماضي، خلال "مهمة تدريبية" حسب ما ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية.
في الشهر نفسه قتل في غارة إسرائيلية على القنيطرة ثلاثة جنرالات، هم فرشاد حسوني وحميد مختار بند وعلي الله دادي.
وفي حلب قتل مستشار الجنرال قاسم سليماني والقيادي بفيلق القدس ساجاد طاهراني، وكذلك الطيار روح الله عمادي، وذلك خلال "مهمة تدريبية" أيضا.
تزايد عدد القتلى سبب حسب مصادر صحفية تمردا في صفوف الحرس الثوري، عوقب من تجرأ عليه بالفصل والمنع من ممارسة الوظائف الحكومية، والإحالة إلى المحاكم العسكرية في حالة الضباط وأصحاب الرتب العليا.
إجراءات تبين مدى التزام طهران بالمحافظة على مناطق هيمنتها في الشرق الأوسط.