بعد أشهر من المفاوضات المتعثرة التي توجت الخميس بتخلي الوسيط الدولي برناردينو ليون عن مهمته الرامية إلى إخراج ليبيا من مستنقع العنف والانقسامات، يبدو أن الجيش الليبي شرع في استعادة زمام المبادرة على الساحة الداخلية.
ليون الذي أثار غضب البرلمان الشرعي والحكومة حين قدم مقترحا وصفه بأنه خطوة هامة لإنهاء الانقسامات في ليبيا، أبعد عن المهمة الشاقة ليتولاها الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر، حسب ما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة.
إلا أن مسار حوار الصخيرات في عهد المبعوث الدولي السابق لا يشي بنجاح الخلف في هذه المهمة، لاسيما أن المقترح الأخير الذي قدمته الأمم المتحدة عبر ليون نفسه، اعتبر انقلابا على المسودة التي اتفقت عليها أطرف النزاع.
وفي وقت قوبل "مقترح ليون" برفض رسمي في البرلمان، وشعبي تمثل بمظاهرات شعبية في بنغازي تندد بانحياز بعثة الأمم المتحدة، برز موقف الجيش الذي اختار الفعل عوضا عن الكلام السياسي الفارغ، فكثف ضرباته ضد الميليشيات.
بيد أن الجيش الذي وقعت عليه مهمة الحسم العسكري بعد فشل الحوار، الذي ساهم بطريقة غير مباشرة بنمو نفوذ الميليشيات المتشددة ولاسيما "داعش"، يواجه بدوره خطر عرقلة مهمته من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
فمجلس الأمن رفض مرارا طلبات قدمتها الحكومة الليبية برفع حظر التسليح المفروض على ليبيا، الأمر الذي وضع الجيش أمام مهمة التصدي، بأسلحة متهالكة، للإرهاب، الذي نما حين كان ليون يشغل الحكومة والبرلمان بجلسات الحوار.
وقبل بدء الحوار، كان الجيش، وبدعم من "القوات الشعبية" الموالية للشرعية، قد نجح، قبل نحو سنة، في تكبيد الميليشيات، التي يصنفها البرلمان الشرعي إرهابية، خسائر فادحة، ولاسيما في مدينة بنغازي التي باتت معظم مناطقها محررة.
غير أن انطلاق الحوار ضرب الزخم الذي اتسمت به العمليات العسكرية بعد استعادة معظم مناطق بنغازي، وعرقل تقدم الجيش إلى طرابلس لاستعادة العاصمة من "سلطة الأمر الواقع" المتمثلة بتحالف الميليشيات مع المؤتمر الوطني المنتهية ولايته.
وبعد الفشل "الرسمي" لـ"حوار ليون"، شن الجيش لأيام عدة ضربات مكثفة على مواقع داعش في بنغازي وما يسمى "مجلس ثوار بنغازي"، في رسالة تحمل بين طياتها إشارات للحليف والعدو بأن الحسم العسكري هو الحل الوحيد لاستئصال الإرهاب.
وفي حال نجحت القوات الحكومية في تطهير بنغازي من الميليشيات التي تتحصن في بعض الجيوب، تقول مصادر عسكرية لـ"سكاي نيوز عربية" إن طرابلس التي تسيطر عليها "فجر ليبيا" هي الوجهة القادمة قبل متابعة الطريق إلى كافة مناطق البلاد.