لا يخلو إي صراع في منطقة الشرق الأوسط، على الأغلب، من دور إيراني مباشر أو غير مباشر، وهو نهج يعود حتى إلى ما قبل "الثورة" التي وضعت نظاما يقوم على حكم الملالي ويسعى لتصدير هذا الفكر إلى الدول المجاورة.
- فقبل "الثورة الإسلامية" بعقد كامل، أي عام 1969، ألغى شاه إيران محمد رضا بهلوي اتفاقية الحدود الموقعة مع العراق عام 1937، وذلك من جانب واحد، وطالب حينها بأن يكون خط منتضف نهر شط العرب هو خط الحدود بين البلدين، ليشعل أول فتيل خطير لأزمة استفحلت لتصير حربا مدمرة بين البلدين خلال عقد لاحق.
- ولم يمر عامين على خطوة بهلوي تجاه العراق، ليقدم على خطوة أخرى باحتلال الجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، عام 1971.
- في عام 1972، اندلعت معارك عبر الحدود بين العراق وإيران التي كانت تدعم أيضا جماعات كردية في شمال العراق. واستمرت المناوشات وحالة العداء بين البلدين حتى عام 1975 حيت تم توقيع اتفاقية الجزائر التي قضت بالاستناد إلى منتصف نهر شط العرب كحدود بين البلدين ووقف الدعم الإيراني للجماعات الكردية المتمردة.
- في عام 1979، اندلعت ما باتت تعرف بـ" الثورة الإسلامية" في إيران، ووصل الملالي إلى قمة السلطة وأسسوا نظاما صارما، وأعلنوا عن نيتهم تصدير هذه الثورة إلى البلدان المجاوة، لتتأزم مرة أخرى العلاقات مع بغداد ويتبادل الجانبان سحب السفراء.
- في عام 1980، قصفت إيران بلدات حدودية عراقية، ليعتبر الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين ذلك بمثابة إعلانا للحرب، فقام بإلغاء اتفاقية الجزائر، وهاجم الجيش العراقي في 22 سبتمبر 1980 أهدافا داخل الأراضي الإيرانية، لترد طهران بقصف مدن عراقية وتندلع رسميا حرب الخليج الأولى التي استمرت ثماني سنوات قبل أن يوقف الطرفان إطلاق النار عام 1988.
- بعد انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 وانسحاب صدام حسين من الكويت تحت ضغط قوات التحالف العربي والغربي، واجه النظام العراقي المحاصر بالعقوبات الدولية والحظر الجوي انتفاضة في البصرة ذات الأغلبية الشيعية عام 1999، واتهمت بغداد غريمتها طهران بدعم الانتفاضة.
- عادت إيران إلى مسرح الأحداث في العراق عقب الغزو الأميركي له في عام 2003، حيث دعمت إيران الحكومة ذات الأغلبية الشيعية التي تشكلت بعد ذلك.
- في عام 2007، اندلعت حرب طائفية أهلية بين ميليشيات شيعية تديرها أحزابا متحالفة مع إيران ومسلحي العشائر السنية التي شعرت بتهميش بالغ بعد الغزو الأميركي.
- وطالما اتخذ الدور الإيراني في العراق الجديد شكلا غير مباشرا إلا أن عام 2014، بعد انتفاضة عشائر الأنبار ضد رئيس الوزراء نوري المالكي الموالي لطهران، ودخول تنظيم الدولة المتطرف على خط الأحداث، أعلن مسؤولون إيرانيون صراحة بأن الحرس الثوري موجود في العراق لدحر " الإرهابيين" وحماية المقدسات الشيعية.
- وفي لبنان، تدعم إيران حزب الله منذ إنشاءه عام 1982، وتمده بالسلاح، وهو الحزب الذي اكتسب شعبية عربية كبيرة بسبب مقاومته للاحتلال الإسرائيلي حتى انسحابه من جنوب لبنان عام 2000، ثم دخول الحزب طرفا في حرب مدمرة مع إسرائيل عام 2006، أتت على قسم كبير من البنية التحتية للبنان وقتلت 1400 شخص، لكنها عززت من نفوذ الحزب.
ودخل حزب الله في صراع داخلي مع الفرقاء اللبنانيين الذين اتهموه باختطاف القرار الوطني لصالح إيران وحليفتهما سوريا، والدخول في مغامرات ليست عليها إجماع وطني.
- في مارس عام 2011، اندلعت انتفاضة شعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد، الذي واجهها بعنف بالغ أدت لتحولها إلى انتفاضة مسلحة، كان للإيرانيين فيها الدور الرئيسي في دعم ومساندة دمشق ضد المحتجين، مستخدمة أيضا في ذلك ذراعها اللبناني حزب الله، وهو ما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 200 ألف سوري وتشريد عشرة ملايين آخرين في الداخل والخارج.
ويرى كثير من المراقبين أن طهران لعبت دورا كبير في تأجيج الأزمة السورية ومنع الوصول إلى حل سياسي قد يقضي على نفوذها في هذا البلد العربي.
- وجاءت اليمن كأحدث حلقة في مسلسل التمدد الإيراني، حيث قامت جماعة الحوثي المدعومة والموالية لإيران بانقلاب مسلح على سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي في سبتمبر عام 2014، ويتطور الأمر بسيطرة الجماعة المسلحة على أنحاء كبيرة من البلاد، مما حدا بالرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي إلى إعلان عدن عاصمة مؤقتة بعد أن تمكن من الهرب من الإقامة الجبرية التي فرضها الحوثيون عليه في صنعاء.
- في ليل 26 مارس 2015، انطلقت عملية عسكرية واسعة لتحالف عربي بقيادة السعودية تحت اسم "عاصفة الحزم" بناء على طلب الرئيس اليمني من أجل استعادة الشرعية الدستورية، ومواجهة النفوذ الإيراني. ودانت طهران العملية، فيما دعا قادة إيرانيون كبار الحوثيون إلى مقاومة العملية وعدم الاستسلام أمامها.
- ويمثل الملف النووي الإيراني في العقد الأخير سببا في بعض التدخلات الإيرانية بالمنطقة كما أن مخرجات المفاوضات الإيرانية مع الغرب بشأن البرنامج المثير للريبة، تعتمد أحيانا على تعدد الأوراق المؤثرة التي تمتلكها إيران في المنطقة التي تعني الكثير للولايات المتحدة والدول الكبرى المستوردة للنفط العربي.