أعلن زعيم ما يعرف بجبهة النصرة الإسلامية المسلحة بوضوح للمرة الأولى أن الجبهة تعمل على إرساء حكم الشورى الإسلامي وتنظيم الحياة في سوريا استعدادا لملء الفراغ بعد انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال الشيخ أبو محمد الجولاني في كلمة مسجلة بثتها "مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي" التي تتولى عادة نشر أشرطة وبيانات جبهة النصرة على شبكة الأنترنت، متوجها إلى عناصر الجبهة، إن "مرحلة انهيار السلطة تترك فراغا أنتم خير من يملأه".
وقال متوجها إلى "أهل الشام" "فديناكم بأرواحنا ودمائنا (...) قدمنا لكم دماءنا ذودا عن دينكم وعرضكم ودمائكم ولا زلنا ندفع بأنفسنا واحدا تلو الآخر ليعود لأهل الشام عزهم وخيرهم الذي فقد منهم إلى ان ينعموا تحت راية الحق راية لا إلا الله وتبسط الشورى بينهم".
وتابع "الحذر الحذر إخواني الأعزاء أن نحبط آمال المسلمين الذين وضعوا ثقتهم أمانة في أعناقنا جميعا وأذكر نفسي واياكم بالدماء الطاهرة الذكية التي روت أرض الشام خلاصا من الطاغية بشار من أن تذهب هدرا".
ولا يعرف الكثير عن جبهة النصرة التي ظهرت بعد وقت قصير على بدء النزاع في سوريا قبل حوالى سنة ونصف السنة، إلا انها باتت، بحسب تقارير من داخل سوريا منتشرة على كل الجبهات تقريبا، وقد تبنت العديد من العمليات العسكرية والتفجيرات ضد مراكز أمنية وتجمعات للجيش السوري.
وتقول واشنطن التي أدرجت أخيرا جبهة النصرة على لائحتها للمنظمات الإرهابية، أن الجبهة مرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق. وهي تتألف من غالبية من السوريين، لكن بين أعضائها أيضا جهاديين أجانب من جنسيات مختلفة.
وقال الجولاني في التسجيل الصوتي "أصبحت جبهة النصرة في الشام معادلة يصعب على الغرب حلها وفهم طبيعتها واستقاء المعلومات اللازمة عنها طيلة العام والنصف المنصرمين".
ويقول الباحث في الشؤون السورية فابريس بالانش "لم تأت النصرة إلى سوريا لتنسحب مع سقوط بشار الأسد. لطالما كانت واضحة في نواياها. إنهم سلفيون ويريدون إرساء الخلافة الإسلامية".
وأضاف مدير مجموعة الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط (غريمو) أن "النصرة، بدفع من الانتصارات التي حققتها على الأرض، باتت تظهر أكثر للعلن. وهي تستثمر القرار الأميركي بإدراجها على لائحة الإرهاب كونه حقق لها تعاطفا بين الناس".
وفي التسجيل المنشور على موقع "يوتيوب"، توجه الجولاني "بالشكر الجزيل لأهلنا وأحبابنا الذين نزلوا الساحات مستنكرين قرار إدراجنا تحت قائمة الإرهاب".
وأضاف "ما بذلت هذه الدماء لتخرج من ظلم النظام النصيري لتتيه في ظلمات النظام الغربي. فلا يقطفن ثمار التضحيات غير زارعيها".
وذكر الجولاني أنصاره بأن الجبهة ليست "حزبا سياسيا بل جبهة تعنى بشؤون المسلمين عامة"، طالبا منهم الاهتمام بشؤون الناس الحياتية وتوفير الأمن لهم ومعاملتهم بشكل جيد.
ودعاهم إلى "إعانة الناس وإدارة الأفران والمخابز" و"توزيع الوقود وتوفير أسس المستوصفات وإعادة الإعمار ما استطعتم إلى ذلك سبيلا".
كما طلب منهم "توفير الأمن للناس" وإنشاء "مراكز إصلاح ذات البين والفصل في النزاعات"، مشددا على "الحفاظ على طيب العلاقة مع الجماعات الأخرى (المقاتلة) وحسن معاملتهم وغض الطرف عن أخطائهم".
من جهة ثانية، حمل الجولاني على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، متهما إياهما بـ "مد عمر النظام" السوري.
وقال "بان للناس أجمع الدعم الأميركي والدولي المتواصل للمد بعمر هذا النظام بإعطاء المهل وإرسال المراقبين والسعي بالهدن".
واعتبر "الشيخ الفاتح أبي محمد الجولاني" كما قدمته المؤسسة والذي لم يظهر في الشريط، أن "أميركا تنفس عن غيظها وتعبر عن فشل دورها في المنطقة وذلك بوضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب جزاء لها على معونتها لهذا الشعب".
وأكد أنه "آن زوال عصبة بشار على أيدي المجاهدين الأطهار وبعد أن بدأ فجر النصر يبزغ من جديد".