أعلنت الرئاسة التونسية الجمعة يوم حداد وطني بعد اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي، كما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاما في ذات اليوم استنكارا لهذه العملية التي أثارت احتجاجات في معظم المدن التونسية.
وعلى وقع هتافات وشعارات معادية لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة ولرئيسها راشد الغنوشي، انطلقت تظاهرة في مركز ولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، وأحرق حشد من الأشخاص مقر الولاية التي ينحدر منها البراهمي.
شقيقة البراهمي تتهم النهضة
وقالت مباركة البراهمي أرملة المغدور الذي كان من أشد منتقدي الائتلاف الحاكم بزعامة حركة النهضة الإسلامية وعضوا بالمجلس الوطني التأسيسي المعني بوضع مسودة دستور جديد، إن "العصابة المجرمة قتلت البراهمي الصوت الحر".
وفي حين لم تحدد أرملته من هي هذه العصابة، قالت شقيقة شهيبة البراهمي إن "حركة النهضة هي التي قتلت أخي. منذ اغتيال بلعيد كان لدينا إحساس بأن محمد البراهمي سيلقى نفس المصير"، مضيفة "لا نريد بعد اليوم أن يعيش معنا أصحاب اللحى".
يشار إلى أن مسلحين مجهولين اغتالوا البراهمي، الخميس، رميا بالرصاص أمام منزله في حي الغزالة المعروف بأنه معقل السلفيين في تونس، وكان بعض المتهمين بتفجير قطار مدريد قبل عدة سنوات تونسيين من هذا الحي.
احتجاجات شعبية
وبعد شيوع نبأ اغتيال عضو حركة الشعب، عمت الاحتجاجات معظم المناطق التونسية، وتجمع الالاف أمام وزارة الداخلية في العاصمة هاتفين بشعارات تندد بالحكومة وطالبوا باستقالتها ورددوا "يسقط حكم الإسلاميين".
أما في محافظة صفاقس جنوبي البلاد، قال شهود إن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين اقتحموا مقر المحافظة، احتجاجا على اغتيال البراهمي، ورد المحتجون بإلقاء الحجارة على قوات الشرطة.
حداد وإضراب عام
في غضون ذلك، أعلنت رئاسة الجمهورية يوم الجمعة يوم حداد وطني مع تنكيس الأعلام على المؤسسات الوطنية.
كما قرر الاتحاد التونسي للشغل وهو أكبر منظمة عمالية في تونس القيام بإضراب عام في البلاد يوم الجمعة احتجاجا على الاغتيال، حسب ما قال سامي الطاهري المتحدث باسم الاتحاد.
وأكد أن "المكتب التنفيذي للاتحاد قرر الإضراب وهو إضراب سياسي دفاعا عن تونس واحتجاجا على هذا الاغتيال السياسي الجديد وخوفا من أن تنساق البلاد إلى حمام الدم".
وسيكون هذا ثاني إضراب عام في البلاد في عام بعد إضراب سابق في الثامن من فبراير الماضي إثر اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد، الذي أثار موجة من الاحتجاجات أفضت إلى استقالة حكومة حمادي الجبالي.
وسارعت الخطوط الجوية التونسية المملوكة للحكومة إلى الاستجابة إلى الإضراب، وقالت في بيان إنها ستلغي كل الرحلات من وإلى تونس يوم الجمعة.
بدورها، دعت "الجبهة الشعبية" وهي ائتلاف سياسي علماني يضم أكثر من 10 أحزاب إلى "عصيان مدني سلمي" في تونس "حتى إسقاط" الحكومة، وحملت الحكومة مسؤولية عملية الاغتيال.
تنديد رسمي
في المقابل، ندد رئيس الوزراء التونسي علي العريض باغتيال النائب المعارض، معتبرا أن "اغتيال البراهمي يستهدف المسار السياسي التونسي والانقضاض على الثورة" التي أطاحت نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مطلع 2011.
من جهته قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إن اغتيال البراهمي يهدف إلى "ترويع التونسيين وعرقلة المرحلة الانتقالية."
وكان الصحفي التونسي، جمال العرفاوي، قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن "عملية الاغتيال كانت متوقعه لأن زوجة شكري بلعيد حذرت الأربعاء من اغتيالات".
وأشار إلى أن القوات الأمنية وضعت يدها الأسبوع الماضي على مخبأ للأسلحة بحي الغزالة، مضيفا أن عملية الاغتيال شبيهة بسيناريو اغتيال بلعيد، الذي قضى بإطلاق مسلحين يستقلون دراجة نارية الرصاص عليه.
يشار إلى أن البراهمي، المعروف بتوجهاته القومية العروبية، عضو بالمجلس التأسيسي الذي يعمل على صياغة دستور جديد للبلاد.
وتبذل تونس جهودا مضنية لاجتياز مرحلة الانتقال الديمقراطي بعد إطاحة بن علي في 2011، حين شهدت تونس أولى ثورات ما بات يعرف بالربيع العربي.
إدانة دولية
ونددت الولايات المتحدة "بشدة" باغتيال البراهمي، واصفة عملية اغتياله بأنها "مشينة وجبانة".
وأدان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "بأقصى درجات الحزم" اغتيال السياسي التونسي المعارض.
كذلك أدان رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز عملية الاغتيال التي وصفها بـ"الدنيئة" وطالب بعدم إبقاء هذه الجريمة من دون عقاب.
وفي بيان لها أعربت المفوضة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن "إدانتها" لاغتيال النائب التونسي المعارض محمد البراهمي، مطالبة بأن يكون الرد على هذه الجريمة "مدنيا وسلميا".